الثلاثاء، 1 مايو 2012

50 - اليوم الأخير ونهاية رحلة لاتنسى


خمسة أيام ويكمل زمن عودتنا من السفينة الشهرين، ولكنني إلى الآن لم أكتب أحداث اليوم الأخير على ظهر السفينة، واليوم الأخير لهذه التجربة الفريدة من نوعها. ما إن وطأت أقدامنا أرض وطننا العزيز حتى بدأت المهام والأشغال تنهمر علي من كل مكان، وكأنها كانت مترقبة مترصدة لعودتي. سأكمل عن ماحدث بعد وصولنا إلى البحرين لاحقا، وأريد الآن أن أكتب أحداث اليوم الأخير. يوم لا أزال أذكر كل تفاصيله وكأنها حدثت بالأمس.
اليوم الأخير لم يبدأ من الصباح، فقد كان في عجلة من أمره لدرجة أنه دخل في ليل اليوم الذي يسبقه. بعد الانتهاء من حفلة المجموعة، ذهبت إلى قاعة الساكورا، لأرى منظرا لم أر مثله منذ بداية البرنامج. كان معظم المشاركين موجودون في القاعة تاركين قاعة الفيراندا والإميرالد خاليتين تقريبا. كان الجميع جالسا يحاول أن يستغل اللحظات الأخيرة من البرنامج خير استغلال مع أناس أصبحوا كعائلته واحتلوا مكانا في قلبه في أقل من شهرين. جلست مع العديد من الأشخاص والأصدقاء كأخي العزيز عبدالخالق من سريلانكا. أجل أعتبره أخي فهو نعم الإنسان المسلم الملتزم المحبوب من الجميع. و"دوران موي" من نيوزلاندا، و"دانييل" و"ماتيوس" من البرازيل، وغيرهم الكثير. كنا نسامر مستمتعين حتى جاءت لحظة رائعة ممتعة من الجنون، فقد استخدمنا علبة بطاطس فارغة (برنغلز) كمضرب، ولعبنا لعبة الكريكت في القاعة التي من المفترض أن تكون قاعة رئيسية خالية من الإزعاج والطعام، ولكن كنا في آخر يوم ولم نكن نفكر بأي شيء سوى الاستمتاع باللحظات الأخيرة معا. لعبنا الكريكت، وشاركنا مجموعة من المشاركين في ذلك. وبعد ذلك أردنا أن نلعب لعبة بحرينية كثيرا مالعبناها في الأحياء و"الدواعيس"، لعبنا لعبة "القواطي". وهي باختصار أن يكون لكل لاعب كأس (قوطي) يجب عليه أن يحميه من الكرة، ويلعب جميع اللاعبين كرة قدم عادية ولكن بهدف إسقاط الكؤوس (القواطي). كانت هذه اللحظات من أمتع اللحظات التي مرت علي في السفينة. ودبت الحركة في جميع أطراف القاعة، فالجميع يجري خلف الكرة ويحاول في نفس الوقت حماية كأسه. انتهينا من اللعبة وكنت أنا الفائز -طبعا- .
بعد ذلك رجعنا إلى مقاعدنا للراحة قليلا، فجاءت لحظة أخرى من الجنون الممتع، فقمنا بتمثيل برنامج حوار تلفزيوني وقمنا أنا وعبدالخالق ودوران بدور لجنة التحكيم التي تسأل أسئلة ساخنة ومحرجة، وبدأنا باستجواب العديد من المشاركين، فقضينا وقتا ممتعا جدا.
بعد الانتهاء من ذلك أردت مناقشة عبدالخالق في بعض المواضيع التي أثيرت في مواقف سابقة واتفقنا على تأجيلها إلى وقت آخر، فلم نرد أن ينتهي البرنامج دون مناقشتها. تناقشت معه حول قضية فلسطين والكيان الصهيوني، ودور حماس في الأوضاع الراهنة. وسألني عن موضوع المذاهب في الإسلام والشيعة على وجه الخصوص. كانت جلسة حوارية جميلة تبادلنا فيها العديد من الأفكار. بعد جلسة حوارية طويلة أردنا أن نأخذ قسطا بسيطا من الراحة لكي نقوى على آخر صباح في هذا البرنامج.
استيقظنا صباح اليوم الثاني بعد سويعات قليلة جدا من النوم. وتناولنا آخر وجبة على ظهر السفينة، وقد كانت أكثر وجبة من ناحية عدد الموجودين في المطعم، فقد كان جميع المشاركين يتناولون الإفطار وبداخلهم مشاعر لا يمكن وصفها. وبدأت أولى لحظات الوداع، فقد كانت الوفود النيوزلندية والكندية أوائل الوفود المغادرة. بدأت أولى لحظات الوداع بأداء مهيب رائع من المشاركين لصيحة أو رقصة الهاكا النيوزلندية التقليدية التي تعلمناها من أعضاء وفدهم، وهي رقصة حماسية تاريخية تؤدى قبل المعارك بهدف تشجيع النفس وبث الرعب في نفوس الخصوم. كان الأداء رائعا من الجميع فقد أدينا هذه الرقصة كثيرا من قبل، ولكن هذا الأداء كان هو الأداء الأخير، وهو الأداء الوداعي لأحد أفضل الوفود وأكثرها احتراما وأعزها على قلبي. بعد الرقصة بدأ الجميع بتوديع هذين الوفدين، وبدأت أنهار الدموع وأصوات البكاء يملؤون القاعة. كان موقفا مؤثرا بالفعل. أناس عشنا معهم وقضينا معهم أوقاتا رائعة خلال خمسين يوما، ولكن هذه هي سنة الحياة.
بعد ذلك بدأت الوفود الواحدة تلو الأخرى بالمغادرة، وكان بالطبع أكثرها حزنا على قلبي الوفد البيروفي الذي يضم زميل غرفتي وأعز أصدقائي "ميغيل"، والوفد السريلانكي الذي يضم أخي العزيز الذي قال لي كلمة مازالت ترن في أذني إلى الآن وتشعرني بالفخر والفرح، فقد قال:"قبل المجيء كنت أدعو أن يكون هناك مسلمون على ظهر السفينة يعينونني على العبادة ويثتونني على الصواب وعدم الانجراف نحو الخطأ، وكنت أنت ياأحمد وأعضاء وفدكم استجابة لدعواتي الكثيرة". كلمات رائعة تجعلني أطير من الفرح، وتجعلني أشكر الله تعالى على أن وفقنا وثبتنا في هذا البرنامج على الطريق الصحيح، وعصمنا من الانجراف وراء الملذات المحرمة الكثيرة على ظهر السفينة.
بعد وداع مؤثر جدا، وأداء جماعي رائع لرقصة "السوران" وهي رقصة صيادي السمك في اليابان،وقد اشتهرت على ظهر السفينة كذلك. توجهنا إلى المطار لمغادرة اليابان، وفي المطار فرحنا كثيرا بقدوم أعضاء الوفد البرازيلي لوداعنا، فقد كان موعد رحلتهم بعد موعدنا بفترة، فجاءوا من مبنى آخر فقط لرؤيتنا، وكأننا صرنا لا نقوى على فراق بعضنا البعض. قضينا وقتا رائعا في تذكر أحداث السفينة أثناء تناول وجبة العشاء. ثم ودعناهم مرة ثانية لبدء رحلة العودة إلى وطننا الغالي.
لم نفتتح طريق عودتنا بخير، فقد بدأناه بإجراءات تعسفية من موظفي الجمارك اليابانيين فيما يتعلق بوزن أمتعتنا. بدأنا حربا معهم، واستطعنا بعد مجموعة من الحيل الانتهاء من الاجراءات الرسمية. كانت هذه التجربة غاية في الغباء بالنسبة لنا، فهم كانوا يحفظون الكلام ويطبقونه من دون تفكير، لدرجة أن حقيبة الكاميرا لرئيس وفدنا منعوها من الصعود على ظهر الطائرة لثقل وزنها، فما كان منه إلى أن أخرج الكاميرا ووضعها على كتفه ثم وزن الحقيبة الخالية فقبل موظفو الجمارك إدخالها، وبالإمكان القياس على ذلك.
بعد ذلك بدأت رحلة العودة على ظهر الطائرة وكانت رحلة العودة مليئة بالنقاشات والذكريات والمواقف الرائعة في البرنامج. وصلنا إلى دبي ثم انطلقنا عائدين إلى أرض الوطن الحبيب. وكم كانت ساعدتنا كبيرة بتكحيل عيوننا برؤية أهالينا الذين استقبلونا في المطار. كان شعورا رائعا جدا، شعرت بأنني أمشي في الهواء من الفرحة، ولم أستطع الانتظار للبوح بكل التجارب والمواقف التي حصلت على ظهر السفينة.
أعتقد بأن أهلي -وأهل جميع المشاركين- قد أصابهم التشبع والضجر بعد أقل من يوم واحد، بسبب كثرة الكلام والحديث عن البرنامج. وبدأنا بعد ذلك فترة صعبة جدا، هي فترة العودة إلى الحياة الطبيعية، مرت أيام كثيرة ولم أكن أفكر بشيء سوى السفينة، كل شيء حولي يذكرني بموقف أو شخص من البرنامج. أعتقد بأنني لا أستطيع إلى الآن منع نفسي من التفكير بتلك الأيام الجميلة والرائعة على ظهر السفينة.

أكتب هذه الكلمات قبل ليلة من نشاط في جامعة البحرين سنعرض فيه بإذن الله تجربتنا في هذا البرنامج، أسأل الله أن يوفقنا لكل خير.

وأختم مدونتي هذه عن البرنامج بشكر لله عز وجل على أن وفقنا لتمثيل ديننا ووطننا خير تمثيل، وأن أعاننا وصبرنا وثبتنا على الطريق القويم هناك، وأن أبعدنا عن الكثير من الفتن والملذات المحرمة الموجودة على ظهر السفينة. وأسأل الله تبارك وتعالى أن يكتب لنا كل ماقدمنا وقلنا وفعلنا في موازين حسناتنا يوم القيامة، وأن يكتب لما قلنا وفعلنا القبول في نفوس المشاركين وأن نكون سببا في هدايتهم إلى الطريق القويم. إنه ولي ذلك والقادر عليه.

أحمد العوضي
1/5/2012

الثلاثاء، 6 مارس 2012

النهاية - شكر وتقدير لعائلتي الجديدة


قبل أيام كنت أقرأ بريدي الإلكتروني الموجود لدي في جهازي، وكنت أتصفح المراسلات القديمة التي كانت تدور بيننا، فبدأ أفكر في هذه المدة التي مضت، والعلاقة التي تطورت بين أعضاء الوفد. قبل أقل من خمسة أشهر كنا مجرد عشرة بحرينيين، كل يعيش في محيطه وأشغاله، لا يعرف أحدنا الآخر أو يعرفه معرفة بسيطة. واليوم وأنا أكتب هذه الكلمات في مكان ما قرب اليابان، أعلم بأن لدي على ظهر هذه السفينة تسعة من أفراد عائلتي، يساعدوني في أي مشكلة تصيبني، ينصحوني إن أخطأت، أمرح معهم، وأقضي أجمل أوقات الراحة برفقتهم. بل أن بعضنا لا يتصور كيف أننا سنعود إلى البحرين ولن نتقابل يوميا في الطابور الصباحي، ولا في الدورات النقاشية، ولا على طاولة لتناول إحدى الوجبات، ولا حتى على طاولة واحدة نتسامر في الفيراندا إلى أن يغلبنا النعاس. بداخلي الكثير من المشاعر التي أود أن أكتبها، ولكن لا أدري كيف ستحمل الكلمات هذه المشاعر، لا أدري كيف ستحمل الكلمات مشاعر من يحمد الله تعالى في كل لحظة على أن سخر له مثل هذا الوفد المشارك الذي يعينه على الخير ويذكره به. لا أدري كيف ستحمل الكلمات مشاعر عضو وفد يشهد له جميع من على ظهر السفينة بالتميز والإبداع، وحسن الخلق والمعاملة. لا أدري كيف سأعبر، ولكن سأحاول أن أكتب مايدور في ذهني وقلبي حول كل عضو من أعضاء أسرتي الجديدة، أعضاء الوفد البحريني بسفينة شباب العالم 24.

عبدالله القاسم
رئيس وفدنا، وربان سفينة إبداعنا وتميزنا. أعتقد بأنه هو الذي مهد للوفد البحريني بأن يكون من أفضل الوفود خلقا وتميزا في نظر الوفود الأخرى، فقد أخبرنا أعضاء أكثر من ثمانية وفود (من أصل 12 منهم مصر) بأنهم كانوا محتارين متخوفين من طريقة معاملتهم لنا، فنحن -كما يتصورون- من بلد نفطي غني، وربما نكون متكبرين. إضافة إلى أننا مسلمين، وربما نكون متشددين مكشرين عن أنيابنا طوال الوقت. ولكن كل هذا تغير بعد لقاء رؤساء الوفود (قبل السفينة بشهرين)، فقد كان لعبدالله الدور الكبير في إعطاء رؤساء الوفود انطباعا جيدا يكفي بأن يزيل حاجز الخوف من أعضاء الوفد البحريني، فقد أخبرنا هؤلاء الأعضاء أن رؤساءهم أخبروهم بأن لو كان أعضاء الوفد البحريني كرئيسهم فيجب أن تتعرفوا عليهم فهم خير صحبة.
قائد يعرف متى وقت الجد والشدة فتترتب الأمور وتتنظم، ومتى وقت الضحك فنفرح جميعا ونمزح مع بعضنا ونقضي أجمل الأوقات. شخصيا، ارتحت كثيرا من كونه قائدنا، فنعم رئيس الوفد الذي يحافظ على دينه ومبادئه، ولا يتنازل عنها كما تنازل بعض رؤساء الوفود الآخرين. لهذا كان لأعضاء الوفد البحريني اهتمام خاص فيما يتعلق بالناحية الدينية. أعتقد بأنني محظوظ جدا بكوني عضو وفد يقوده مثل هذا القائد، وأتمنى أن أكون قد أديت دوري في الوفد على أتم وجه.

محمد المعاودة
عرفته من قبل البرنامج في الجامعة، ولكنني لم أحتك به كثيرا. ومع البرنامج زادت علاقتنا ترابطا وقوة، وبدأت أرى روعة هذا الشخص. فهو هادئ المظهر، ولكن بداخله أعاصير وبراكين من الإبداع والتميز. يبهرني في كل مرة يتكلم فيها أمام الناس، فهو يعرف كيف يوصل المعلومة التي يود طرحها بأسلوب رائع بسيط وطريف.

يوسف الجفن
لا يمكن لأي أحد من أعضاء الوفد أن ينسى بداية هذا الشاب معنا في البرنامج. كان مجرد عدد زائد في الاجتماعات من دون أن يبدي أي رأي أو فكرة. ولم يكن أحد منا يعلم من هو هذا الشخص إلى أن جاء موعد تصوير مقدمة عرضنا الوطني في المتحف، فقد أصبح هذا الشاب الهادئ نشطا ومبدعا. ومنذ ذلك اليوم ونحن نستمتع كثيرا بكلامه وحركاته، فهو وبلا شك ملح البرنامج ليس لوفدنا فحسب، بل للبرنامج بأكمله. يستطيع بحماسه ونشاطه أن يشجع كل الموجودين ويحمسهم ويظهر البسمة على وجوههم. لا أعتقد بأن البرنامج سيكون نفسه من دون هذا الشخص في وفدنا.

يعقوب ناجم
نائب رئيس الوفد. قائد بطبعه، فهو يريحنا في الكثير من الأمور. شخصيا، لم أشاهد أي خريطة لأي منطقة نزلنا بها، فأنا على ثقة كاملة بمعلومات هذا الشخص، فهو وبالتأكيد قد خطط للبرنامج، وعلم أهم المناطق التي يمكننا زيارتها. وبالتالي يمكننا سؤاله عن أي شيء نريده وسيدلنا على المكان المناسب له.



حسن عبدالأمير
أكثر شخص كنت أعرفه من قبل البرنامج، فقد تربينا مع بعضنا في أنشطة جمعية الإصلاح. منذ أول لقاء لنا في البرنامج، وتلك الابتسامة الجميلة لاتفارق وجهه. طيب القلب، دائما مايفكر في طريقة حل المشاكل من دون جرح مشاعر أي أحد. مرح على الدوام، يشعر من حوله بالتفاؤل بمجرد سماع ضحكته. وقد شهد على ذلك جميع من على ظهر السفينة حين صوتوا له بصاحب أجمل ابتسامة في السفينة.

البنات (عائشة العريفي، عالية القحطاني، مريم السعيدي، مريم باقر)
لا أستطيع أن أعبر عن مدى إعجابي بثباتهن على مبادئهن طوال وقت البرنامج، فهن الذي بين للجميع أن المرأة المسلمة ليست هي المرأة المسكينة، التي لا تملك عقلا ولا علما. بل هي امرأة تفتخر بدينها، وتحافظ على مبادئها، وأن هذا الأمر لاينقص من إبداعها وعطائها شيئا. يشهد لهن الجميع بالتميز والعطاء، والكثير من المشاركين أبدى تغير نظرته للمرأة المسلمة عندما رآهن ورآى رزانتهن وثباتهن على مبادئهن، من دون أن يؤثر ذلك على علاقتهن وتعاملهن بالآخرين.


أعلم بأن هذه الكلمات بسيطة وقصيرة، ولا تعبر عن مدى فرحتي بكوني واحدا من أعضاء هذا الوفد المميز. ولكن عزائي أنها هي المدخل الذي بقرائتها سأتذكر المشاعر الجميلة التي أشعر بها الآن، سأتذكر أروع اللحظات والمواقف التي قضيناها منذ أول لقاء تعريفي، وأول اجتماع رسمي، وأول طلعة ترفيهية، وأول طلعة عمل، وأول سفرة كمجموعة، وأول وأول وأول...

أشكركم جميعا على أن جعلتم هذا البرنامج برنامجا مميزا لا أعتقد بأنه سيمحى من ذاكرتي، فلا أعتقد بأن جمال البرنامج بالفعاليات الرسمية، بل بالناس الذين أقضي معهم معظم وقتي، وكيف أنني أستمتع معهم. وقد كنتم يا أعضاء أسرتي الصغيرة خير سند لي طوال الرحلة، كنت أترقب لقاءكم بعد كل برنامج او فعالية، لأخبركم بما حدث فيها، وأهم المواقف الطريفة التي حصلت. كنتم الملجأ الأول لي في أي حالة ضيق أو ملل تصيبني، فبوجودي معكم أنسى تعب البرنامج، وملل المحاضرات الكثيرة. بالفعل لا أعتقد بأنني كنت سأتحمل البرنامج لولاكم ولولا وجودي معكم وقضاء أجمل الأوقات معكم.
عندما أعود إلى البحرين أعتقد بأنني سأراكم في كل مكان، فعندما أشعر بالملل من محاضرة في الجامعة سألتفت للخلف وأراكم تضحكون وتمزحون فأضحك وأنسى الملل، وعندما أشعر بالضيق سأراكم جالسين على طاولة دائرية تتعاونون ضد أحد المشاركين في إحدى الألعاب الورقية فأمرح معكم. وعندما يحين موعد الجد سأراكم كخلية نحل تعملون وتبدعون فأتشجع لإنجاح العمل الذي أعمل به.

لا أستطيع أن أشكر شكرا يعبر عن مابقلبي، ولكن أملي هو أن أكون قد ساعدتكم وقدمت لكم أي شيء أمكنني عمله وتقديمه، وأتمنى أن أكون نعم المشارك في نعم الوفد.

أحبكم جميعا..
أخوكم  
أحمد العوضي
4 مارس 2012

49 - بداية الأواخر، وانتشار الرسائل


يوم خال من البرامج، فقد انتهينا منها وحان موعد الرحيل. بدأت آخر اللحظات بالقدوم. آخر عشاء، آخر غروب، آخر ليلة، آخر سهرة. يوم الغد هو اليوم الذي سترسي فيه فوجي مارو في ميناء هارومي في طوكيو، وستغادر فيه الوفود تباعا كل بحسب موعد طائرته. قضينا اليوم في توضيب الأغراض وتسليمها لطاقم السفينة لإيصالها إلى المطار. مع ترتيب الأغراض وتوضيبها بدأ تبادل الهدايا والتذكارات، فهذا يهدي قميصا شعبيا، وهذا يهدي أدوات الزينة القديمة، وغيرها من الهدايا الكثيرة. أهديت العديد من الأشياء، فقد أهديت الملابس الشعبية كالثوب والعقال والغترة، وأهديت بعض الأغراض التي أحضرناها لفعاليات الوفد كسلال السعف وفناجين القهوة. واستلمت كذلك العديد من الهدايا كبعض الملابس الشعبية وبعض التيشيرتات الخاصة بالدول.
بعد أن انتهينا من التوضيب وسلمنا الأغراض لم يبق لدينا شيء لعمله، فبدأت لحظات غريبة جدا، لحظات ختامية لا أستطيع وصفها، فالهدوء يعم المكان وكأن الجميع يترقب بخوف وحزن ساعة الرحيل. ولاحظنا الجميع يحمل قلما ودفترا، أو يطوي ورقة بشكل معين. كل يعد ويكتب الرسائل الشخصية التي يود إهداءها للأصدقاء الذين تعرف عليهم وقويت علاقته بهم خلال فترة السفينة. وكتبت هذا اليوم مجموعة من الرسائل للأشخاص المميزين بالنسبة لي في السفينة والذين لولاهم لما شعرت بهذا الشعور الجميل تجاه ذكريات البرنامج.
بعد العشاء أقامت مجموعتنا حفلة ختامية بسيطة تكلم فيها كل عن نفسه بشكل أكبر، وتبادلنا الهدايا. كان حفلا بسيطا ولكنه جميل بالشعور القوي الذي يربطنا مع بعضنا، فبعد كل هذه الفترة أصبحت مجموعتنا أسرة صغيرة، تعود فيها بعضنا على الآخر. ومن الأشياء العامة التي يجب ذكرها في هذا اليوم الجو، فالأمواج عالية تأخذ السفينة ذات الثمانية طوابق يمنة ويسرة، وتلعب بها وكأنها قشة أو ذرة تراب.


أحمد العوضي
4/3/2012

48 - العشاء الوداعي، وأول رقصة


هاقد وصلنا إلى اليوم الأخير من أيام البرامج الرسمية على ظهر السفينة. بدأنا بفترة تقييم عام للبرنامج أخذت الفترة الصباحية بأكملها، عملت فيها على تعديل الفيديو الذي يحوي معظم المشاركين في البرنامج. ثم كانت فترة الغداء، تلى ذلك بعض التعليمات حول آلية مغادرة السفينة. بعد ذلك كان الحفل الختامي الرسمي للبرنامج وفيه استلمنا شهاداتنا التقديرية. وختمنا يومنا بليلة طويلة رائعة، فقد كان البرنامج هو العشاء الوداعي، وشمل العديد من البرامج والعروض، وعرض الفيديو الذي أعددته، ونال إعجاب الجميع ولله الحمد. وفي هذا البرنامج أديت ولأول مرة في البرنامج رقصة تسمى "السوران" وقد تدربت عليها مرة واحدة فقط، ولكنني استمتعت بها، ورقصة السوران هي رقصة تمثل أفعال الصياد. وختمنا برنامج اليوم بجلسة خفيفة في الفيراندا استمرت إلى وقت متأخر من الليل.
كان اليوم بسيطا وجميلا، قضيت معظم وقت الراحة فيه في العمل على الفيديو، واستمتعت بفرحة الناس بالفيديو في الحفل الوداعي.

أحمد العوضي
3/3/2012 

47 - الوقفة الأخيرة، والأخ العزيز


آخر محطات فوجي مارو قبل العودة إلى نقطة الانطلاقة، استيقظنا من الصباح الباكر ومعظم المشاركين لم ينامو أكثر من ساعتين فقط. بدأنا بالجمارك وتفتيش الغرف والأغراض الشخصية، ثم رحب بنا محافظ المنطقة بحفل ترحيب رسمي، شاهدنا فيه بعض المعلومات عن المنطقة، وبعض الرقصات الشعبية. زارنا في حفل الافتتاح بعض الضيوف المهمين بالنسبة لبعض المشاركين، فقد زارتنا العوائل التي سكن معها أعضاء الوفدين البيروفي والهندي، فالتقيت بعائلة زميلي بالغرفة وقد كانت عائلة لطيفة. بعدها وفي حوالي الساعة الثانية عشرة انطلق المشاركون لفترة حرة إلى الليل. انطلقت مع مجموعة كبيرة نوعا ما إلى المحطة ذات الأولوية القصوى، ذهبنا لتناول وجبة الغداء في أحد المطاعم الإيطالية المشهورة في اليابان. وزرنا كذلك أحد الحدائق الصغيرة ولكنها رائعة في تصميمها وجمالها. بعدها ذهبنا لزيارة إحدى القلاع الضخمة في المنطقة، واستمتعنا هناك بالمناظر الطبيعية الجميلة ومشاهدة بعض الأدوات اليابانية القديمة. بعدها توجهت مع مجموعة بسيطة إلى إحدى الحدائق التي تعد -حسب ماقيل لنا- تراثا عالميا. عندما دخلنا الحديقة تفاجأنا بأنها حديقة جميلة ولكنها لا تحوي شيئا مميزا، ولكن رغم ذلك استمتعت هناك بسبب المجموعة التي كنت معها. بعد ذلك عدنا إلى المنطقة التي تناولنا فيها الغداء، فتناولنا فيها العشاء كذلك، ولكن في أحد المطاعم الهندية. بعد ستة وأربعين يوما من السفر، وبعد زيارة الهند وسريلانكا، تناولت أخيرا البرياني في اليابان. ثم تسوقنا قليلا وعدنا إلى السفينة قبل انتهاء وقت الفترة الحرة.
كانت الفترة الحرة لهذا اليوم رائعة فقد كانت فرصة ممتازة للخروج مع أخي عبدالخالق من سريلانكا، كما كانت فرصة أكثر للكلام مع بعض الكنديين الذين جاءوا معنا في الفترة الحرة.
بعد العودة إلى السفينة كنت متعبا جدا، وخصوصا مع المرض، فأردت أن أخلد إلى النوم سريعا. وأنا في طريقي إلى الغرفة التقيت بعبدالخالق مرة أخرى قريبا من غرفتي فأردت أن أهديه بعض الهدايا. كنت أود أعطيه الثوب لأنه أفضل ما أملك على السفينة، ولكنني أهديته زميلي في الغرفة، ففكرت فيما يمكنني تقديمه له، فعبدالخالق بالنسبة لي ليس كأي مشارك أو صديق، فهو أخ عزيز. كنت أفكر فيما يمكنني أن أقدمه فتذكرت شيئا رائعا يمكنني تقديمه له، "الجاكيت" الذي اشتريته مؤخرا، وهو الذي كانت تبيعه المؤسسة العامة بمناسبة العيد الوطني. فسعدت بإهدائه هذا الشيء المميز. بعد ذلك أهداني هو كذلك بعض الهدايا البسيطة، ثم ذهبت للنوم، فعلي العديد من الأمور المهمة التي علي تنفيذها ولن أستطيع عمل ذلك وأنا متعب مرهق.

أحمد العوضي
2/3/2012

46 - حوارات جميلة، ورسائل على "الفنايل"


يوم طويل حسب البرنامج الموضوع من قبل الإدارة، ولكن بالنسبة لي بدأ يومي وقت الظهيرة، فقد كنت متعبا ومريضا بعض الشيء، فبقيت في غرفتي وأخبرت مجموعتي عن ذلك. استيقظت ظهرا وذهبت لتناول وجبة الغداء. أثناء الغداء جلست مع أحد أعضاء الوفد الإسباني وإحدى المشاركات اليابانيات، ودار بيننا حوار جميل عن الثقافة وعن خطوط الطيران، ثم دخلنا في بعض الأمور الدينية، فكانت جلسة متميزة بالنسبة لي.
بعد ذلك استمر البرنامج الرسمي بالقسم الثالث من دورة القيادة الثالثة، وقد تغيب -كما ذكرت سابقا- عن القسمين الأوليين، وكان من المطلوب منا عمل بعض الخطط العملية لبعض الأنشطة التي سنقوم بها في البحرين بعد عودتنا. بعد ذلك كان البرنامج هو "التوقيع على الملابس"، وفي هذا البرنامج يحضر كل مشارك قميصا أو "فانيلة" ليكتب له الآخرين بعض الرسائل.
بعد ذلك كانت وجبة العشاء، ثم قمنا بعمل جلسة تصوير، فبعد عرض مقطع الفيديو الذي قمنا بعمله طلب منا العديد من المشاركين أن يكونوا جزءا من الفيديو، فكانت جلسة التصوير هذه لمن أراد أن يظهر في الفيديو. وقمنا كذلك بتصوير مقطع جماعي للوفدين البحريني والبرازيلي وهم يقولون دولة بحرزيل، فالوفد البرازيلي من أكثر الوفود القريبين منا.
بعد تلك الجلسة حضرنا جلسة تحضيرية لبرنامج الغد، ففي الغد سنصل إلى منطقة أوكيناوا في اليابان، وستتم حملة تفتيش شاملة للسفينة من قبل الجمارك اليابانية. كما شرحوا لنا كذلك أهم المناطق الجميلة في هذه المحافظة. بعد ذلك قام المشاركون بعمل حفلة مفاجئة للوفدين الهندي والسريلانكي لشكرهم على ماقدموه لنا في بلدانهم. وختمنا يومنا بجلسات مع المشاركين وحديث شيق معهم، فقد اقترب موعد النهاية. في هذه الليلة جاء لي رئيس الوفد البيروفي وقدم لي عرضا بتبديل فانيلة المنتخب البحريني التي أملكها بفانيلة المنتخب البيروفي التي يملكها، ففرحت بذلك لأنها فرصة جميلة للحصول على ذكرى جيدة. إضافة إلى ذلك تبادلت مع زميل غرفتي الهدايا، فأعطيته سجادة الصلاة، والثوب البحريني الذي عملناه خصيصا للبرنامج.

أحمد العوضي
1/3/2012 

45 - أول نزال للساموراي، وحفلة وفد رائع


يوم جميل رائع آخر مع آخر أيام البرنامج. بدأ مع الجلسة الختامية للفترة الثانية من النوادي الفنية، وفيها تدربنا على طرق المنازلات في المنافسات الرسمية للعبة الكيندو، ثم خططنا للعرض الذي سنقدمه في معرض النوادي الفنية.
بعد ذلك بدأ معرض النوادي الفنية الثاني، واستمتع الجميع بمشاهدة العروض من النوادي المختلفة. واستمتعت كثيرا بمشاهدة عروض النوادي التي نظمها الوفد البحريني، نادي المحادثة العربية والذي كان عرضهم عبارة عن مقطع تمثيلي بسيط باللغة العربية، وشارك فيه رئيس السفينة. والنادي الثاني كان نادي الخط العربي والذي كان عرضهم عبارة عن رسم شعار السفينة من خلال الكلمات العربية. وفي عرض نادينا (نادي الكيندو أو الساموراي)، نازلت أحد أعضاء الوفد الفنزويلي، واستمتعت بذلك. كان المعرض هو البرنامج الرسمي الأخير الذي يحوي بعض الأنشطة الترفيهية، ويسمح للمشاركين نقل بعضا من ثقافتهم وأنشطتهم، لهذا كان ختام المعرض بالنسبة لي لحظة مؤثرة، فهو إعلان مبكر لنهاية هذه الرحلة الجميلة.
بعد ذلك كانت وجبة العشاء، ثم آخر حفلة من حفلات الوفود المشاركة، حفلة الوفد النيوزلاندي. الوفد النيوزلاندي هو من أقرب الوفود إلى وفدنا وعلاقتنا بأعضائه علاقة قوية ورائعة جدا، فقد كانت غرفهم في المركز الشبابي مجاورة لغرفنا، لهذا كنا نستمتع كثيرا بالحديث معهم في كل ليلة، وهم -كما الوفد البرازيلي- من أكثر الوفود الذين كانوا يمرحون معنا في سمراتنا في قاعة الفيراندا، لهذا هم يحرتموننا كثيرا كما نحلهم ونحترمهم. من أجل ذلك جعلوا حفلتهم خالية من الخمور، على الرغم من أنهم معروفون بكثرة شربهم. إضافة إلى ذلك عندما أردنا الخروج من القاعة بعد انتهاء وقت الحفلة وبدء موعد فتح "البار" جاؤوا لتوديعنا، وأبدوا اعتذارهم من اضطرارنا للخروج. كان الموقف مؤثرا جدا بالنسبة لي، وزاد احترامي لأعضاء هذا الوفد كثيرا.
بعد خروجنا توجهنا إلى قاعة الفيراندا، وكانت مجموعة من أعضاء وفدنا يعدون لحفلة الوداع، وكانت مجموعة أخرى يتسامرون مع بعض أعضاء الوفود الأخرى. بعد أن شعرت بالتعب أردت التوجه إلى غرفتي للنوم، ولكن استوقفتني إحدى أعضاء الوفد المصري، وطلبت مني عمل مقابلة صوتية لإذاعة شبابية إلكترونية. فعملت المقابلة ثم بدأ الحوار بالتشعب عن الموضوع الرئيسي، ودخلنا في حوار عن أوضاع البحرين المعيشية والسياسية والاجتماعية، وعن أحداث البحرين. طال بنا الحديث وكان حديثا شيقا، فلم أنتبه إلا وأحد أعضاء وفدنا يسألني مستغربا: "أحمد!! شتسوي قاعد لي هالحزة؟!". فانتبهت إلى تأخر الوقت، فذهبت إلى غرفتي ودخلت في عالمي الخاص.


أحمد العوضي
29/2/2012

44 - نهاية تغني عن يوم بأسره، الليلة البحرينية


يوم يعده الكثيرين من أقل الأيام متعة على ظهر السفينة. اليوم هو يوم منتدى الدورات النقاشية، والذي سيعرض فيه الجميع ملخص ما تعلموه في الجلسات السبع للدورات. وسيأخذ المنتدى برنامج اليوم بأكمله، وهذا يعني أمرا واحدا، يوم كامل من العروض والكلام والملل. بدأ اليوم بالتجمع الصباحي كالمعتاد، عرضنا فيه مقطعا من العروض التي أعددناها لحفلة وفدنا الليلة لتشويق المشاركين. بعد ذلك كانت جلسة بسيطة للتدريب على العروض، ثم بدأ منتدى الدورات النقاشية.
لا أستطيع تقييم المنتدى تقييما دقيقا، فقد كنت طوال الوقت مشغولا باللابتوب وأعمل على إنهاء العروض وبعض الأمور الأخرى. بشكل عام حاولت العديد من المجموعات تقديم العروض بطريقة إبداعية بعيدة عن العروض البسطة المملة كدورتنا، وفي المقابل كانت معظم المجموعات تعتمد على الكلام في عرضها مع إضافة مقطع فيديو أو مقطع تمثيلي بسيط. لم أشعر بالملل القاتل طوال اليوم، بسبب وجود اللابتوب، فقد أنهيت العروض التي سنقدمها الليلة، وانتهيت من كتابة مذكراتي. خلال وجبة الغداء كنت جالسا مع أحد أفضل من تعرفت عليهم في البرنامج، عبدالخالق من سريلانكا، وتكلمنا عن الفلم الذي سأعرضه اليوم "Mohammed.. The Last Prophet"، وأخبرته بأن الفرصة لم تتح لي للإعلان عن العرض في التجمع الصباحي، فاقترح اقتراحا رائعا، جعلنا نحصل على بعض المتعة والفائدة خلال فترة استراحة الغداء. اقترح أن نذهب لتبليغ الناس بالفعالية بطريقة تشبه طريقة الإعلانات التلفزيونية في القنوات الدعائية.(هل كنت تتساءل دائما عن ماهو الإسلام؟ هل كنت تتساءل لماذا يعتبر محمد(ص) من أكبر المؤثرين في هذا العصر؟ هل كنت تتساءل عن ماذا يعني محمد(ص) للمسلمين؟ إذا أنت مدعو إلى فيلم "محمد.. الرسول الأخير"). استمتعت كثيرا بمشاهدة وتصوير ردود أفعال المشاركين.
بعد استراحة الغداء عدنا إلى المنتدى والذي استمر إلى وقت العشاء. بعد المنتدى حصلنا على وجبة لذيذة من المطعم، فقد قدموا لنا برجرا ذكرني ببعض المطاعم التي أحبها في البحرين. بعدها توجهت إلى المسرح لبدء عرض الفلم، ثم توجهت إلى مكان حفلة وفدنا أو "الليلة البحرينية" للمساعدة في ترتيب وتنظيم المكان. من أكثر ما أعجبني وأفرحني رؤيتي لبعض أعضاء الوفود الأخرى وهم يساعدوننا في التنظيم، فهذا الأمر يدل على أننا قد كونا علاقات جيدة مع مجموعة من المشاركين. انتهينا من الإعداد وجاء وقت الليلة البحرينية التي يترقبها الجميع لأنها ليلة خاصة جدا، فهي ليلة من دون خمر، وهذا يحمّلنا مسؤولية أكبر، فعلينا أن نقدم شيئامميزا يغني المشاركين عن الخمر. بدأ المشاركون بالقدوم، وشاهدوا الأقسام الموجودة. عند المدخل وضعنا بعض النسخ من النشرات التي وزعت سابقا، إضافة إلى بطاقاتنا، ثم مع الدخول إلى القاعة يمكن مشاهدة معرض بسيط لصور من البحرين، ثم يأتي قسم الرسائل، والذي يمكن لأي مشارك أن يكتب أية رسالة لأي عضو من وفدنا. بعد هذا القسم يأتي قسم الثياب الشعبية وقسم التصوير، فقد وضعنا علما كبيرا للبحرين كخلفية، ووفرنا مجموعة من الملابس الشعبية للمشاركين، لذا يمكنهم ارتداء الملابس البحرينية والتصوير أمام علم البحرين. في الجزء الخلفي من القاعة كانت طاولة الأكلات البحرينية، وكان فيها "رهش" و "متاي" وتمر، وللمشروبات وفرنا القهوة العربية والشاي. آخر قسم في ليلتنا كان قسم الحنة، والذي كانت له شعبيته بين الفتيات والشباب كذلك، فقد ظهرت "موضة" جديدة بأن يكتب الشباب أسماءهم بالعربية باستخدام الحناء. بالطبع لا أنسى وسط القاعة، فقد كانت هناك الشاشة التي استخدمناها لعرض الفيديوات المنوعة، والمنطقة الفارغة لعمل عدد من الألعاب الخفيفة. إضافة إلى كل ذلك كانت هناك بعض الألعاب الشعبية كالدومينو. استمتع الجميع بالحفلة، وسررت كثيرا عندما أخبرتني مجموعة من المشاركين بمدى فرحتهم بالمشاركة في الحفلة، وبأنهم لم يشعروا بأي ضيق لعدم توفر الخمر. وعما يتعلق بالفيديوات، استمتع الجميع بها، فقد عرضنا بعض الفيديوات التي عملنا عليها كفيديو يشمل معظم المشاركين وهم يقولون شعار السفينة، إضافة إلى بعض الأمور التي لن تنسى على السفينة. وعرضنا كذلك إعلانا فكاهيا بسيطا للقهوة العربية قمنا بتصويره قبل يومين. وعرضنا كذلك بعض الفيديوات التي صورت بكاميرات الهواتف لمواقف طريفة، كتحدي الفلفل الحار والذي أكل فيه بعض المشاركين اليابانيين الفلفل وصورنا ردود فعلهم، والمقلب الذي قمنا بعمله قبل فترة بسيطة، وهو أن يقوم أحد الأشخاص بارتداء قناع وتخويف المشاركين. كانت المقاطع جميلة واستمتع الجميع بها.
بعد الانتهاء من الحفلة كنا على موعد مع لعبة مشهورة -كمايبدو- ولكنني لم أكن أعرفها وهي لعبة "مافيا". واستمتعت باللعب مع عدد كبير من المشاركين، لدرجة أننا غفلنا عن الوقت ولم يتوقف اللعب إلى الساعة الثالثة بعد منتصف الليل، فتوجهت إلى غرفتي سريعا. قبل أن أبدأ فترة التأمل قرأت الرسائل التي كتبت لي في قسم الرسائل، وفرحت كثيرا بما قرأته، فمنها ما يشكرني على مساعدتي لهم في أمر ما، ومنها ماشكرني على الفيديوهات التي عرضناها، ومنها ما اكتفى صاحبها بـ"وحدة وحدة وحدة" حيث أنني صرت معروفا في السفينة بـ"Wahda Wahda guy". فرحت كثيرا بقراءة هذه الرسائل، وخصوصا وأن بعضها وصلني من أناس لم أحتك بهم كثيرا. بعد قراءتي للرسائل بدأت فترة "التأمل" وابتسامة عريضة مرسومة على وجهي.


خواطر:
1- منذ بداية فترة تخطيطنا للحفلة الوطنية أو الليلة البحرينية كنا نفكر كيف يمكننا أن نقدم وقتا ممتعا للمشاركين من دون أن نقدم لهم الشيء المعتاد بالنسبة لهم في كل ليلة. كنا قلقين من هذا الأمر حتى في أثناء الحفلة، ولكننا بذلنا جهدنا وبفضل الله استمتع الجميع بالحفلة. في أوقات كثيرة، يقلق الإنسان من عمل أي شيء مخالف للعادة خوفا من ردة فعل الآخرين، ولكنه يكتشف بعد فترة أن الناس تقبلوا الأمر وفرحوا كثيرا به، وشكروه على ذلك. يجب علينا أن لا نخاف من التغيير الذي يستند على أصول ثابتة، وعلم كاف، وعمل متقن.

2- عندما يلقى شخص ما مجموعة من الناس تختلف معه في الدين أو الثقافة يظن الكثير أن على هذا الشخص أن يحاول الإندماج مع الجماعة بتبني عاداتهم ودينهم وثقافتهم. بينما الأمر الصحيح هو أنه على الإنسان أن يعرف ماهي الأمور التي يمكن تغييرها وفق المكان والبيئة المحيطة، وماهي الأمور التي لايمكن التنازل أو التراخي عنها، وبأن هذا الشخص بثباته على قيمه ومبادئه إضافة إلى حسن خلقه وتعامله مع المجموعة، سيكسب وبالتأكيد ثقة الجميع ومحبتهم واحترامهم لمبادئه وقيمه. أعتقد بأن عدد الحضور إلى الحفلة البحرينية كان ممتازا جدا، ودليلا واضحا على شعبية وفدنا بين المشاركين، فقد كان العدد أفضل من العديد من حفلات الوفود الأخرى، بسبب أن تلك الوفود لا تحظى بشعبية كبيرة. هذا الأمر يحدث على الرغم من ثباتنا -ولله الحمد- على مبادئنا، مازلنا إلى اليوم نخرج من أي قاعة إذا وزع الخمر أو بدأ الرقص المخل بالأدب "الشرقي"، ومازلنا لانصافح الجنس الآخر، ومازلنا محافظين على صلواتنا وندعو مجموعات من المشاركين لمشاهدتنا في بعض الأوقات.


أحمد العوضي
28/2/2012

43 - يوم الدورة النقاشية، وعودة الغير مرغوب


اليوم هو يوم الدورة النقاشية من دون أدنى شك، فالبرنامج الرسمي يبدأ بالطابور الصباحي المعتاد، والذي سبب استياءا كبيرا لدى العديد من المشاركين، فقد استقبل الجميع معلومات تفيد بأن موعد الطابور سيقدم وأن فترة الإفطار ستكون أقل. لذلك لم يتناول عديد من المشاركين وجبة الإفطار هذا اليوم. الحقيقة هي أن مجموعة من المشاركين بدورتي النقاشية (الإعلام) أرادوا إثبات أن الإعلام يمكن أن يؤثر في الناس بمعلومات خاطئة، وأن الناس يتقبلون المعلومات من دون تفكير بمدى صحتها. بعد الطابور كانت جلسة تصوير رسمية للمجموعات، تلى ذلك جلسات ختامية للدورات النقاشية للإعداد للمعرض الختامي. بدأنا الجلسات في الساعة الحادية عشرة ظهرا، واستمرينا حتى الخامسة عصرا. تخلل ذلك فترة راحة للغداء. كان المطلوب منا هو الإعداد لتقديم ملخص ماتعلمناه طوال الجلسات النقاشية، فبدأنا بكتابة ماتعلمناه خلال الجلسات السبع، ثم اخترنا من بينها أهم خمسة نقاط لنطرحها بتفصيل أكثر. بعد ذلك انقسمنا إلى خمسة مجموعات، وبدأنا بالتخطيط لمعرفة الطريقة المثلى لطرح النقاط من دون أن نشعر الجمهور بالملل. كانت مجموعتي مسؤولة عن نقطة "ماذا خسرنا بسبب التكنولوجيا؟" بعد تفكير ومناقشة العديد من الأفكار، قررنا أن نوصل الأفكار عن طريق مشهد تمثيلي بسيط. قمنا بعمل بعض التدريبات ثم أنهينا جلستنا لهذا اليوم. بعد جلسة طويلة استمرت إلى موعد العشاء، حصلنا على وقت حر، استفدت منه في الانتهاء من مقاطع الفيديو التي سنقدمها في حفلة وفدنا مساء الغد.
الوضع العام في السفينة لهذا كان، دوار عام، وأناس ملقين على الأرض في كل مكان، فنحن نمر في منطقة ذات أمواج عالية.

أحمد العوضي
27/2/2012

42 - يوم رياضي، وبصيص أمل، اللهم تمّم


برنامج اليوم هو أفضل برنامج على السفينة، فمن لا يفضل يوم الإجازة. أعتقد بأن هذه المعلومة كافية لشرح مافعلته في النصف الأول من اليوم. بدأت يومي في الساعة الواحدة ظهرا. انتهيت من الأعمال الصباحية ثم توجهت إلى  القاعة الرئيسية لسماع بعض التعليمات والإعلانات. ثم قمت بعرض فيلم في المسرح كبرنامج تطوعي. بعد ذلك كانت الفترة الرياضية، والتي كانت عبارة عن بطولة لكرة القدم بين المجموعات. بالطبع كنت عضوا بفريق مجموعتي. بدأت البطولة واستطعنا التأهل إلى مباراة الدور قبل النهائي، ولكن البطولة انتهت -كما كان متوقع- بسقوط جميع الكرات الموجود على السفينة في المحيط.
بعد ذلك كانت وجبة العشاء، ثم بدأت فعاليتي التطوعيى الثانية، وهي سرد قصة سيدنا يوسف. كان عدد الحضور متواضعا بسبب وجود حفلة تنكرية في نفس الفترة، ولكن العدد المتواضع كان إيجابيا بالنسبة لنا، فقد أخذنا استراحة للصلاة شرحنا فيها للحضور طريقة الوضوء والصلاة. كما استطعنا أن نجيب على أسئلتهم بكل راحة. كان الجميع مستمتعا بالقصة ولكننا اضطررنا إلى أخذ فترة بسيطة للراحة للذهاب إلى حفلة الوفد الروسي. ذهبنا إلى الحفلة وحصلنا على بعض الطعام والمشروبات الروسية، ثم عدنا لإكمال سرد القصة.
بعد ذلك ذهبت للمشاركة في حفلة مجموعتنا، والتي استمتعنا فيها كثيرا ببعض المسابقات. وقد قمنا بعمل مسابقة "ولا كلمة" والتي يشرح فيها شخص شيئا معينا من دون كلام وعلى البقية معرفة مايتكلم عنه. بالطبع قمت باقتراح أول مايطرأ على بالي عند ذكر هذه اللعبة، وهو "من سيكون الضحية؟"، وأقصد بذلك أن نتفق جميعا على كلمة معينة، ثم نطلب من أحد محاولة شرحها لنا، وعلى الجميع أن يتظاهروا بأنهم لا يستطيعون توقع الكلمات. استمتع الجميع بهذه الفكرة، وكانت الحفلة رائعة.
بعد الانتهاء من الحفلة ناداني صديقي السريلانكي عبدالخالق، وذهبنا إلى إحدى اليابانيات التي حضرت سرد قصة سيدنا يوسف، فقد أخبرته بأنها كانت تقرأ عن الإسلام قبل السفينة، وأنها كانت تنتظر البرنامج لترى بعض المسلمين وتسألهم عن ما يدور في بالها. أجبنا على بعض أسئلتها بكل فرح وسرور. فرحت كثيرا باهتمامها، وأسأل الله أن يتمم لها الخير وأن تدخل في الإسلام، وأسأل الله أن أكون سببا في ذلك.
انتهينا من هذه الجلسة في ساعة متأخرة من الليل، فعدت إلى غرفتي وأنهيت هذا اليوم الجميل.

أحمد العوضي
26/2/2012

41 - ذكريات صوتية


صباح جميل استيقظت فيه على صوت زميلي في الغرفة وهو خارج للذهاب إلى الطابور الصباحي. لم أستيقظ على صوت المنبه بسبب أنني نمت على هاتفي. هممت بالاستيقاظ ولكن اقتحام أحد المشاركين غرفتي من دون إذن جعلني أقرر البقاء في الغرفة وعدم الخروج للطابور الصباحي. بقيت في غرفتي إلى وقت انتهاء الطابور الصباحي، ثم توجهت إلى أول برامج اليوم وهو الجلسة السادسة من جلسات الدورات النقاشية. كانت هذه الجلسة هي الأولى من دون وجود مشرف الدورة، فقد طرأ له ظرف عائلي أرغمه على الرجوع إلى وطنه. كانت الجلسة بسيطة وخفيفة كالعادة، ولكن أمرا واحدا جعلها جلسة مميزة بالنسبة لي، فقد طرح أحد أعضاء الدورة (باركر من كندا) فكرة جميلة، بأن يسجل كل شخص صوته وهو يحكي شيئا من ذكرياته والمواقف الطريفة التي مر بها خلال فترة البرنامج، فالمواقف التي نمر بها ستمحى من ذاكرتنا ولو بعد حين، ولكن التسجيل والتدوين سيجعلنا نتذكرها.
بعد ذلك كانت وجبة الغداء، ثم بدأت فترة الدراسة الذاتية، قضيتها هذه المرة في الإعداد للفيديو الذي سنعرضه في الحفلة البحرينية. تلى هذه الفقرة الجلسة الثالثة من النوادي الفنية، وعاد محارب الساموراي (إحم إحم) لارتداء ملابسه وتوجه إلى القاعة الرئيسية التي تقام فيها التدريبات. كانت الجلسة الثالثة ممتعة كالعادة، تعلمنا فيها بعض الضربات الجديدة، وتعلمنا طريقة ارتداء الدروع الخاصة بالساموراي.
بعد ذلك إلى قاعة الفيراندا للاستمتاع مع الشباب حتى أحسست بالنعاس فاستسلمت له بعد أن ذهبت إلى غرفتي.

خواطر:
1- عندما كنت أفكر في قصة جيدة لتسجيلها في الفعالية، تذركت العديد من القصص الطريفة والممتعة، وأحسست بروعة التجربة التي مررت بها إلى الآن. العديد من الأمور تحدث في حياتنا، ولكننا ننساها، ولانفكر فيها. فكم من مساعدة حصلنا عليها من أشخاص ثم نسيناها وأسأنا لهم، وكم من فضل لم نقدره لصاحبه.

أحمد العوضي
25/2/2012

40 - يوم الصور الرسمية، والحفلة التنكرية


بداية رائعة هذا اليوم، استيقظنا صباح اليوم بعد قسط جيد من النوم، فقد استفدنا من الفترة الحرة خير استفادة، استفدنا منها في التأمل. استيقظنا على موعد اجتماع ماقبل مغادرة ميناء سنغافورة. انتهينا من الأمور الرسمية، ثم انطلقنا لنستعد لفترة التصوير الرسمية الأولى. فترة التصوير هذه لأجل الصورة الرسمية التي ستوضع في الموقع الرسمي للبرنامج، لهذا يجب علينا أن نبدو بصورة جيدة. المشكلة الكبيرة بالنسبة لي كانت في الغترة، فمن السهل تصور وضع الغترة بعد أكثر من خمسة وثلاثين يوما في حقيبة، لقد كانت في حالة سيئة جدا، حتى بعد كيّها. حاولت أن أحسن من الوضع قدر الإمكان، وانتهينا من صورة الوفد الرسمية. بعد ذلك كان علينا انتظار إنهاء جميع الوفود صورهم الرسمية لأخذ الصورة الرسمية لجميع المشاركين. خلال فترة الانتظار الطويلة حصلنا على متعة كبيرة، فقد كان بعض أعضاء الوفد يرتدون "البشت" و"الشطفة" فتذكرنا مقاطع "حسينو" وقضينا الوقت في الضحك، كما استفدنا من هذا الوقت في تصوير بعض المقاطع للفيديو الذي نعمل عليه. قضينا وقتا جميلا حتى حان موعد الصورة الرسمية لجميع المشاركين، فرجعنا إلى مكان التصوير. كانت هذه الفترة رائعة فقد كان الجميع مرتد زيا رسميا أو وطنيا، فبدأ كل شخص بأخذ المجموعات مع الآخرين.
بعد ذلك، أقمنا صلاة الجمعة في المصلى، وكنا قد أعلنا عن ذلك في الاجتماع الصباحي، فحضرت مجموعة جيدة من المشاركين، وشرحنا لهم بعد الانتهاء من الصلاة شيئا منها. بعد ذلك كانت فترة الغداء، ثم جاءت الفترة الثالثة لورش عمل المشاركين. شاركت هذه المرة في ورشة عن التغير المناخي والاحتباس الحراري. كانت الورشة جيدة، استفدت من خلالها بعض المعلومات، واطلعت على بعض التجارب في بعض الدول. بعد ذلك حان وقت العشاء، ثم شاركت ولأول مرة في تدريبات إحدى الرقصات الشعبية اليابانية، وهي رقصة جميلة وبسيطة تتكلم عن الصيد. قدم الوفد الياباني هذه الرقصة في عرضهم الوطني، وجذبوا انتباه الجميع، لذلك نظموا العديد من الجلسات التدريبية لهذه الرقصة، ولكن وللأسف وبسبب أنني في لجنة العروض الوطنية، لم أستطع حضور أي جلسة من قبل بسبب انشغالي بمساعدة الوفود الأخرى، ولكن بسبب انتهاء العروض الوطنية، حصلت أخيرا على فرصة لتعلم هذه الرقصة.
بعد ساعة من الوقت الجيد، ذهبنا إلى حفلة الوفد الإسباني، والمميز في هذه الحفلة كان أنه كان على جميع الحضور ارتداء زيا غريبا بالنسبة لهم، فبدأ كل شخص باستعارة الملابس الشعبية لأحد أعضاء الوفود الأخرى. كان من الممتع مشاهدة ذلك. فرحت كثيرا لاهتمام بعض المشاركين بالثوب البحريني، فقد طلب منا أكثر من شخص ثيابنا. عن نفسي ارتديت أحد ملابس الأدغال في بيرو. ذهبت إلى الحفلة، فرحت بمشاهدة الناس والتقاط بعض الصور، ولكنني لم أطل البقاء هناك، لأنني لا أرتاح في هذه الاجواء. خرجت وبدأت بالعمل على الفيديو الذي نود عرضه في الحفلة البحرينية.
انتهيت من الأمور الرئيسية بالفيديو في وقت متأخر من الليل، فتوجهت إلى غرفتي، وسلمت وجهي لفاطر السماوات والأرض.

أحمد العوضي
24/2/2012

39 - يوم رائع في سنغافورة، وسباق الدقيقة الأخيرة


يوم لك ويوم عليك، هذا هو حال هذه الدنيا، فمحال أن تكون كل الأيام رائعة. فالأمس كان من أكثر الأيام مللا، أما اليوم فقد كان من أجمل الأيام في البرنامج. بدأنا صباحا بالتجمع في القاعة الرئيسية للاستعداد للنزول في سنغافورة التي وصلنا إليها هذا الصباح. المشكلة التي واجهتها هي أنه كان على أن أغير توقيت الساعة هذه الليلة بأن أقدم الوقت ساعة واحدة، ولكنني ظننت بأنني فعلت ذلك ولم أفعل، فكانت النتيجة الاستيقاظ قبل موعد التجمع بدقائق بسيطة. ارتديت ملابسي سريعا وذهبت لتسجيل حضوري على الموعد، ثم استأذنت لكي أعود لغرفتي وأنتهي من الإجراءات الصباحية خلال الفترة التي سيكثر فيها الكلام الإداري الغير مفيد والذي لن يزيد على قراءة الأوراق التي سلمونا إياها من قبل. عدت إلى غرفتي وأنهيت من استعداداتي للفترة الحرة في سنغافورة، ثم عدت إلى القاعة الرئيسية في الوقت المحدد.
كان برنامج اليوم هو فترة حرة طويلة في سنغافورة، فذهبت مع مجموعة صغيرة من المشاركين، تضمنت أحد أفضل من تعرفت عليهم على السفينة، عبدالخالق من سريلانكا، ودانييل من البرازيل، وأسامي من اليابان، وأليخاندرا من بيرو. ذهبنا إلى متحف التراث الآسيوي، والذي يشمل مايقارب ثمانية معارض تتكلم كل منها عن ثقافة من الثقافات في دول شرق آسيا عموما وسنغافورة خصوصا، فقد كان هناك معرض للثقافة الصينية، ومعرض للبوذية، ومعرض كبير للثقافة الإسلامية. بعد ذلك توجهنا إلى أول مكان نزل به مكتشف سنغافورة. بعد ذلك ذهبنا إلى أحد المجمعات، فقد أراد دانييل شراء عدسة لكاميرته، فحصلت على متعتي بأن تكلمت مع البائعين في المحلات، ومزحت معهم قليلا، وتناقشت بشأن أسعار بضاعة لا أريدها من الأساس فقط لأن البائع كان شديد الإلحاح وشديد الكذب بشأن بضاعته. بعد ذلك توجهنا إلى أحد أشهر المعالم في سنغافورة، المرفأ البحري أو "Marina Bay"، وهو مكان غاية في الفخامة، وهو عبارة عن ثلاث ناطحات سحاب، يمكن مشاهدة منظر رائع لسنغافورة من قممها. للأسف لم أستطع إكمال الرحلة مع المجموعة، فقد كان على العودة إلى السفينة للحصول على ساعة إضافية لشراء بعض المؤونة والحصول على إنترنت، فكان الثمن عدم مشاهدة المنظر الرائع من أعلى ناطحات السحاب. استخدمت الميترو للعودة إلى الميناء، وكان من المفترض أن يستغرق الطريق ثلاثين دقيقة فقط، ولكن وبسبب عطل أصاب القطار، استغرقت الرحلة مايقارب الساعة، فتأخرت عن خطتي التي وضعتها لهذا اليوم، ولكن أعتقد بأن الخلل أدى إلى شيء جيد، فقد تعرفت على شاب في القطار، وعلمت بأنه ماليزي يسكن هناك، ولكنه يأخذ يومية رحلة تستغرق ساعتين كاملتين للوصول إلى عمله، والذي بدوره يستغرق اثني عشرة ساعة، بعملية حساب بسيطة، نرى بأنه يقضي ست عشرة ساعة في العمل يوميا، وأما الثمان ساعات المتبقية فتنقضي ومن دون شك في النوم. لا أستطيع تخيل حياة كهذه، فحمدت الله كثيرا على النعم التي نحن فيها.
عت إلى السفينة وأخذت كمبيوتري وانطلقت في سباق مع الزمن للانتهاء من بعض الأمور، كلمت الحب الكبير (أمي) على الهاتف للحظات، فقد كان الإتصال رديئا، ولكنها كانت كافية لأن تطمإن قلبي، فقد سمعت صوتها الحاني. ثم انطلقت سريعا وسط جماعات من المشاركين تجري في المكان، فقد كانت هذه هي النصف ساعة الأخيرة على الفترة الحرة، ولا أحد يريد التأخر في العودة إلى السفينة، فعقاب التأخير هو البقاء في السفينة وعدم الخروج في الفترة الحرة القادمة في مقاطعة أوكيناوا اليابانية. دخلت أقرب متجر وبدأت ومن دون تفكير بأخذ أي شيء يصلح للأكل ووضعته في السلة، ثم استعنت ببعض المساعدات الخارجية لشراء وجبة العشاء لي، ثم انتظرت على أحر من الجمر في طابور المتجر للدفع، ودفعت في نهاية المطاف خمسية دولارا (عشرين دينارا تقريبا)، لم أفكر في هذا فقد كان الوقت المتبقي على الفترة الحرة هو خمس عشرة دقيقة فقط. انطلقت جريا إلى نقطة إنهاء الجمارك، وكان الطابور طويلا، والكل على أعصابه، ويصرخ لاستعجال موظفي الجوازات. أخذ الوقت ينقضي سريعا، عشر دقائق، ثمان، سبع، وما زلت خلف مجموعة من المشاركين، خمس دقائق متبقية، أربع، أخيرا حان دوري، انطلقت إلى موظف الجمارك، واستعجلته لإنهاء الإجراءات، انهيت الإجراءات، ولم يتبقى من الوقت سوى دقيقتين للوصول إلى داخل السفينة، بدأ سباق العدو، جريت بأقصى سرعة وعلى ظهري حمل يقارب العشرة كيلوجرامات، وحولي الكثير من المشاركين نسابق الزمن للوصول على الموعد، أنهكني التعب، وصلت إلى باب السفينة ومجموعة كبيرة من الكاميرات موجهة إلى الباب لتصوير الداخلين إلى السفينة وهم بحالة من الإرهاق جراء الجري لمسافة كبيرة، وصلت ولا أدري هل وصلت على الوقت أم لا، دخلت فسمعت صوتا طمأنني، سمعت "كفو يالأحمدي كفو"، صوت إخواني أعضاء الوفد يهنؤوني بالوصول على الوقت، فقد وصلت قبل أقل من دقيقة واحدة على انتهاء الوقت. أعتقد بأنني كنت آخر من وصل على الوقت ونجى من العقاب. في هذه  الليلة كثر النقاش حول هذا الموضوع، واجتمع رؤساء الوفود مع الإدارة لتحديد القرار النهائي، وكانت النتيجة معاقبة جميع المتأخرين الذي يبلغ عددهم حسب التقديرات غير الرسمية إلى أكثر من ثلاثين شخصا من ضمنهم ثلاثة رؤساء وفود ومشرفين، ومنهم كذلك وللأسف أحد أعضاء وفدنا (من غير تحديد جنس أو اسم).
في نهاية اليوم، شعرت بالفرح الكبير، فقد استمتعت مع مجموعة من الشباب، ثم سعدت بسماع صوت دائما مايطمإن قلبي، وانتهيت بوصول على الوقت والنجاة من العقاب في اللحظات الأخيرة.
خواطر:
1- من أكثر ما أفرحني في برنامج اليوم هو أن دانييل البرازيلي أخبرني بأنه مرتاح جدا من وفدنا، خصوصا وأنهم كانوا متخوفون جدا من الطريقة المثلى للتعامل مع أعضاء الوفد البحريني. فرحت كثيرا بذلك، على الرغم من أنها ليست المرة الأولى التي أسمع هذا الكلام، ولكن في كل مرة أسمعه أفرح لأنني أشعر بأننا قد حققنا شيئا عظيمة بعكس صورة إيجابية مميزة عن الشعب البحريني خصوصا وعن المسلمين بشكل عام. كل ما فعلناه على السفينة هو التعامل مع الناس معاملة حسنة حسب أخلاقنا التي تعلمناها من ديننا وثقافتنا، التعامل باللين والبشاشة، مما جعل الكثيرين يرتاحون للتعامل معنا. وصدق الرسول (ص): ((أقربكم مني منزلا يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقا))، هؤلاء الناس هم الذين يحببون الدين إلى قلوب الناس، وهم الدعاة الحقيقيون، فلا فائدة من معلومة أو حديث يقال لشخص بوجه عبوس قمطرير، أو نصيحة بفضيحة أمام الملأ، ولا بكلام جميل ومن ثم تطبيق لا يمت للجمال بصلة.

أحمد العوضي
23/2/2012

38 - يوم الملل والتفلسف


الروتين، أمر تكرهه نفس الإنسان، وخصوصا إذا كان الإنسان يكرر أمرا يكرهه. لهذا السبب، كان استيقاظي هذا الصباح ثقيلا، فقد كان البرنامج اليوم بالنسبة لي مليئا بالملل. بدأ اليوم وكان كما توقعت، بدأنا بالجلسة الثانية من إعداد مابعد البرنامج، وقدم لنا العديد من الناس أمثلة عما قاموا به من أعمال تطوعية ومشاريع. أعتقد بأن ماقاموا به أمر عظيم، ومساعدات كبيرة لأناس يحتاجون إلى مثل هذا الدعم وهذه المساعدات، وأعتقد بأن هدف البرنامج الرئيسي وهو مساهمة الشباب في المجتمع إذا تحقق في نفوس المشاركين، فإن هذا سيؤثر كثيرا على مجتمعاتهم، فبروح الشباب وعزيمته تتطور الأوطان. ربما أكون متناقضا في كلامي فقد قلت بأنني أتفق وأشجع مثل هذه الجهود لخدمة الأوطان والمجتمعات، وفي نفس الوقت قلت بأن البرنامج كان مملا بالنسبة لي. سبب ذلك بأن العروض كانت طويلة نوعا ما، إضافة إلى أننا تعودنا في مجتمعنا على خدمة الناس، وخصوصيا مع كثرة المراكز الشبابية التي تربي جيلا محبا للعطاء لنهضة الوطن والأمة، لهذا فقد كانت معظم البرامج التي عرضت على أهميتها عادية في نظري، فقد تعودت على أكثر من ذلك.
بعد ذلك كانت وجبة الغداء، ثم بدأنا فترة دورات المشرفين الثانية، وفيها يختار كل مشارك حضور محاضرة لأحد مشرفي الدورات النقاشية الأخرى، بهدف أخذ معرفة -ولو بسيطة- عن الدورات الأخرى. أردت أن أذهب إلى محاضرة القيادة، ولكن المشرف أصابه كما تؤمن إدارة السفينة مرض من أمراض العصر الفتاكة، وطاعون القرن الواحد والعشرين، وأشد مرض معد عرفته البشرية، أصابه مرض الأنفلونزا أو "الزكام"، لهذا وجب عزله في غرفته لمدة خمسة أيام. وبناء على ذلك وجب علينا اختيار محاضرة أخرى، وبسبب سوء تنظيم اللجنة المسؤولة لم يحدث الاختيار وتم التوزيع بشكل عشوائي. نتيجة لذلك وضعت في محاضرة التطوع. المشكلة في هذه المحاضرة أن مشرفة الدورة -من وجهة نظري- جاءت لأجل أمر واحد، وهو إخبار المشاركين بأنها متميزة، وبأن لديها من الخبرة والعلم مايضاهي علم سليمان (ع)، فقد تكلمت في أول عرض لها عن الدورة النقاشية عندما كنا في المركز الشبابي باليابان عن طموحها وشغفها في الحياة، مستخدمة عبارة "عندما كنت في مثل عمركم" طوال عرضها فأحسست بأنني طفل في السادسة من عمري، وهي قد بلغت التسعين من العمر. لهذا السبب لم تكن لدي أية رغبة في حضور محاضرتها، فحضرت المحاضرة متأخرا بفترة بسيطة، وكانت المحاضرة كما توقعت، ووجهة نظري عن المشرفة ترسخت، فقد كان الثلث الأول من المحاضرة عن سيرة حياتها، والأماكن التي عملت بها، والبلدان التي عاشت بها. وفي الثلث الثاني تكلمت عن إحدى النظريات التي تتكلم عن التوتر وتقسم أسباب التوتر إلى ثلاثة أقسام وهي قلة المعلومات، وعدم استغلال الموارد، وعدم وجود الدافع. ثم طلبت من الجميع كتابة بعض مسببات التوتر بالنسبة لهم، ثم بدأت في محاولات لتصنيف كل المسببات إلى هذه الأسباب. أخذ الموضوع وقتا من الزمن، فالنظرية ربما تكون متميزة جدا، ولكنها حتما ليست مثالية، ومجرد محاولة تطبيقها على كل المسببات أمر سخيف بالنسبة لي، فلأجل التصنيف بدأت سياسة الرابط العجيب التي يحبها بعض "المفكرين" و "المثقفين". أما الثلث الثالث فقد كان المفضل بالنسبة لي، لأنها لم تتكلم فيه، مما يعني أنني لم أسمع كلاما سخيفا منها، فقد كان الثلث عبارة عن مجموعة من التمارين والتطبيقات.
بعد هذه المحاضرة المملة، كانت وجبة العشاء، بعد ذلك كان العرض الوطني الإسباني. كان العرض جيدا، ولكن ما أزعجنا هو كيف أنهم من جهلهم يتغافلون عن الأمجاد الإسلامية في الأندلس، وفضل المسلمين على حضارتهم، ويذكرون الفترة الإسلامية بفترة "الغزو الإسلامي".
بعد ذلك أخذت فترة من العمل الفردي للعمل على إنتاج فيديو بسيط للسفينة.



أحمد العوضي
22/2/2012

الخميس، 23 فبراير 2012

37 - بداية مشروع، ومقالب مضحكة


استيقظت صباح هذا اليوم باكرا، لأنني لم أنم في غرفتي بسبب "انشغال" أحد زملائي في الغرفة بـ"اجتماع" خاص. كان للتبكير في الاستيقاظ فائدة جيدة، فقد تناولت وجبة الإفطار للمرة الرابعة -كما أعتقد- منذ بداية البرنامج. بعد ذلك بدأت الجلسة الخامسة من جلسات الجلسة النقاشية، وكانت جلسة بسيطة، احتوت على مجموعة من العروض التي قدمها المشاركون عن بعض المشاريع التي كان للإعلام دور في نشرها. تكلمت في عرضي عن مشروع "ركاز" و "RV". وبدأنا في هذه الجلسة مشروعا بسيطا، حيت تم تقسيمنا إلى مجموعات، ثم تم إعطاء كل مجموعة صفة أو مهارة والمطلوب منها هو أن تنشر هذه الصفة بطريقة إعلامية لتصل إلى جميع المشاركين في السفينة. كانت مجموعتي مكونة من أربعة أشخاص، وعلينا أن ننشر صفة تحمل مسؤولية الأفعال.
بعد اجتماع بسيط حددنا فيه الطرق التي سنتبعها لنشر هذه  الصفة، انطلقنا إلى البرنامج القادم وهو الغداء، ثم اجتماع اللجان. بسبب أن لجنتي هي لجنة العروض الوطنية، وبأننا قد انتهينا من العروض، قضيت هذا الوقت في تصوير بعض المشاركين بهدف عمل فيديو بسيط عن السفينة.
بعد ذلك حان للساموراي أن يتدرب من جديد مع الحصة الثانية من حصص النوادي الفنية، تدربنا هذه المرة على مجموعة من الضربات الجديدة، وتم توزيع بعض الدروع التي يستخدمها لاعبو هذه الرياضة أثناء البطولات الرسمية، والتي تهدف إلى حماية الساموراي.
بعد حصة رائعة من التدريب، توجهنا إلى وجبة العشاء، ثم ساعدت الوفد الروسي في عرضهم الوطني. وبعد ذلك كانت حفلة الوفد السريلانكي، فشاركنا فيها. شعرت بالاستياء هذه الفترة، لأنني عزمت على أن أقدم فعالية تطوعية أحكي فيها قصة سيدنا يوسف للمشاركين قبل أن أعلم بشأن الحفلة السريلانكية، فأجلت الفعالية إلى وقت آخر.
نهاية هذا اليوم كانت مميزة جدا، فقد كان رؤساء الوفود يخططون لعمل فيديو للسفينة، وطلبوا مساعدتنا. كما قمنا بعمل بعض المقالب والمواقف لبعض المشا




أحمد العوضي
21/2/2012

36 - بداية الساموراي


صباح جميل، بدأنا فيه يومنا. بدأنا بالطابور الصباحي والذي كان في الساحة الرياضية على سطح السفينة. أرادت المجموعة المنظمة لهذا اليوم أن تقوم ببرنامج لدعم السلام العالمي. فجلس جميع المشاركون بترتيب معين ليشكلوا علامة السلام العالمية، ولبس الجميع الملابس البيضاء، إضافة إلى تخصيص برامج الطابور لهذا الموضوع. بعد الطابور كانت جلسة مناقشة الآراء حول برنامج سريلانكا، وكانت معظم الآراء -حسب بحثي- إيجابية جدا، وتنوعت الآراء حول أفضل البرامج، وقد كان رأيي بالطبع هو برنامج زيارة المدرسة، وقد ورد برنامج زيارة المعبد والمركز الشبابي كذلك ضمن قائمة أفضل البرامج. وعلى العكس، اتفقت معظم الآراء على أن أسوأ البرامج كان برنامج زيارة الرئيس للسفينة، فقد كانت زيارة سريعة جدا، ولكنها أتعبت الجميع بالإجراءات المعقدة قبل اللقاء.
بعد ذلك بدأنا الفترة الثانية من النوادي الفنية، وأخذت أول حصة من حصص فن الكندو الياباني أو كما هو معروف "الساموراي"، استمتعت كثيرا بهذه الحصة، فقد تعلمنا طريقة لبس الملابس الخاصة، والضربات الأساسية في اللعبة. بعد هذه الحصة الممتعة كانت وجبة الغداء، ثم بدأت أول فعالية من فعاليات برنامج مابعد السفينة. وتقسم البرنامج إلى قسمين، قسم تكلم فيه الإداريون عن بعض تجاربهم وبعض مهام المشاركين بعد العودة إلى ديارهم. وفي القسم الثاني تقسم المشاركون إلى مجموعات لحضور مجموعة من ورش العمل عن مجموعة منوعة من المواضيع، وذهبت أنا إلى محاضرة "كيف يمكن العودة للمشاركة في السفينة"، وتكلم فيها المقدمان عن الطرق الرسمية التي يمكن للمشارك في البرنامج  في إحدى الدفعات المشاركة فيه مرة أخرى. وأهم الشروط الأساسية الذي يتطلبها هذا الأمر. حضرت هذه المحاضرة بدافع الفصول فقط، وعلمت بعض المعلومات التي كنت أتساءل عنها.
بعد الانتهاء من هذه المحاضرة، كانت فترة العشاء، ثم فترة اجتماع أعضاء الوفد، وأخيرا ختمنا يومنا باللعب مع العديد من المشاركين في قاعة الفيراندا.


أحمد العوضي
20/2/2012

35 - راحة بعد تعب، وتجربة علمية


يوم خفيف بعد أيام طويلة، مليئة بالتنقل والتعب، مليئة بالتجارب والخبرات، مليئة بالمتعة والترفيه. بدأ اليوم بفترة حرة في الساعة السابعة والنصف حتى الساعة العاشرة. أعتقد بأنني استغليت هذه الفترة الحرة أفضل استغلال، فقد قضيتها في جو من "التأمل" والخيال. استيقظت قبيل العاشرة، وبدأ الاستعداد سريعا لبرنامج بسيط ولكنه بالغ الأهمية، فقد كنا على موعد مع رئيس سريلانكا. اجتمعنا في القاعة الرئيسية، وبعد فترة انتظار دامت قرابة الخمس وعشرون دقيقة دخل رئيس سريلانكا القاعة ورحب بنا ثم أخذ بعض الصور مع مجموعة من المشاركين، ثم غادر بعد أقل من خمس دقائق. كان اللقاء في اعتقادي لقاء لوسائل الإعلام فقط، فقد كان سريعا جدا، لدرجة أننا لم نسمع صوته، بل رحب بنا ملوحا ثم وقف لالتقاط بعض الصور وغادر.
بعد ذلك كان البرنامج الرسمي هو إجازة إلى نهاية اليوم، فاستغل المشاركون الفرصة -كالعادة- لعمل مجموعة كبيرة من الفعاليات التطوعية، التي تهدف إلى تبادل الخبرات والمعلومات والمهارات بين المشاركين. شاركت في فعالية ذات هدف علمي، فقد كانت تهدف إلى الإجابة على سؤال "هل تعتبر اللغة عائقا أمام فهم الثقافات الأخرى؟". كانت الفعالية عبارة عن مناقشة بعض المواضيع، ومحاولة إيصال نظرة كل شخص حسب ثقافته إلى الشخص الآخر من دون أي كلام، كما سيفعل أي سائح في دولة لا يعرف لغتها، ولا يعرف أحدا من أهلها. استمتعت بهذا البرنامج البسيط، وخرجت بوجهة نظر أنه يمكن التفاهم الأساسي من دون لغة، ولكن لا يمكن فهم ثقافة أخرى من دون معرفة اللغة. بعد ذلك انضممت إلى أعضاء وفدنا لترتيب مخزن الوفد، الذي نضع فيه جميع مستلزمات الفعاليات التي سنقيمها. بعد ذلك ذهبت إلى غرفتي لكتابة مذكراتي للأيام الثلاثة الماضية، فبسبب ضغط البرنامج لم أجد الفرصة لكتابتها. لم أنته من الكتابة إلا مع وقت العشاء، فذهبت إلى مطعم "فوجي". بعد ذلك ذهبت إلى المسرح لمشاهدة فيديو العرض الوطني الياباني، ثم انطلقت إلى قاعة "الإيميرالد"  للمشاركة في حفلة الوفد البرازيلي، والتي جعلوا أول ساعتين منها من دون كحول، لنشارك فيها. ذهبت إلى الحفلة ولم أطل البقاء هناك، فقد بدأت الموسيقى وبدأ المكان يتحول إلى مرقص من دون خمور، فعدت إلى الغرفة، وانتهيت من بعض الأمور.
بعد ذلك توجهت إلى قاعة "ساكورا" للجلوس مع أعضاء الوفد والدردشة معهم قليلا، وكان الجميع في هذه الأثناء مشغول للإعداد للفترة الثانية من النوادي الفنية. عندما أحسست بالتعب عدت إلى غرفتي وبدأت جلسة التأمل والخيال.


أحمد العوضي
19/2/2012

34 - أطول يوم، مواقف رائعة، وشوق إلى الطلاب


اليوم هو أطول يوم في البرنامج، فقد استيقظنا حوالي الساعة السادسة صباحا، قبل الموعد الاعتيادي للاستيقاظ بتسعين دقيقة، وقبل موعد الاستيقاظ الشخصي بمئة وخمس وأربعين دقيقة. سبب الاستيقاظ المبكر هو أننا سنتوجه إلى محضن للأفيال، ويجب أن نصل قبل موعد إطعام الأفيال لكي تسنح لنا الفرصة بإطعامهم، إضافة إلى بعد المسافة بين المرفأ والمحضن.
ركبنا الباص، وكان التعب باديا على وجوه الجميع، حسب بحثي البسيط علمت أن المعظم قد استيقظ قبل موعد الباص بما لا يزيد عن العشرين دقيقة، وكان هذا الأمر جليا واضحا بالنسبة للبنات فقد كانت كل بنت بيدها مرآتها وعلبة المكياج، في الباص. عندما وصل الجميع، انطلق الباص، وكانت هذه هي صافرة البداية لمسلسل النوم، فقد كان الجميع منهكا من برنامج الأمس.
في منتصف المشوار وقفنا لنصف ساعة في مكان جميل لتناول بعض العصائر، ثم أكملنا مشوارنا إلى المحضن. وصلنا هناك واستمتعنا بمشاهدة الأفيال وإطعامها. ثم أخذنا جولة في السوق المجاور للمحضن، واستمتعت بممارسة هواية "المقاصص". بعد ذلك توجهنا إلى فندق قريب لتناول وجبة الغداء.
بعد ذلك انقسم المشاركون إلى قسمين، فقسم توجه إلى أحد المعابد، وقسم آخر إلى إحدى المدارس الابتدائية. من حسن حظي أنني كنت من القسم الثاني، فتوجهنا إلى مدرسة ابتدائية. استقبلنا الطلاب الصغار بالتحايا والتصفيق. حاولت أن أعلم أحدهم طريقة التصفيق لصيحة "وحدة وحدة وحدة" والتي أصبحت مشهورة في السفينة، ولكنني لم أفلح في تعليمه. بعد ذلك بدأ البرنامج الرسمي وتم عرض بعض الرقصات الشعبية التي أداها مجموعة من الطلاب، ثم بعض الرقصات التي أداها مجموعة من المشاركين. وختم البرنامج الرسمي في المدرسة بتسليم أجهزة الحاسب الآلي التي تم شرائها من الأموال التي تم جمعها من قبل المشاركين في السفينة. وبعد ذلك بدأت أجمل فترة في اليوم، بل ربما في كل السفينة، فقد كانت فترة مفتوحة، فاستغلينا فرصة وجود الطلاب، وانطلقت في هذا الجو الجميل الذي اشتقت إليه كثيرا، جو الطلاب. قمنا بترديد بعض الصيحات والأهازيج كصيحة "أو لي لي كيتا تونغا"، ثم ثمنا بعمل بعض الألعاب الحركية للأطفال. فرح الأطفال كثيرا بذلك، وكنت أنا أطير من الفرحة بسبب ذلك. فقد كرهت ما حدث في القرية في الهند، من أننا اكتفينا بمشاهدة بعض العروض من الأطفال ولم نقدم شيئا، ثم في هذه المدرسة بدأنا ببرنامج رسمي شمل أيضا مجموعة من العروض، ثم تم توزيع أجهزة الحاسوب بطريقة لا أحبها، تهدف إلى إظهار هذا الأمر وتضخيمه إعلاميا، فأنا لا أحب أن يقوم المتبرع بالمباهاة بتبرعه أمام العالم، وتسليم المحتاج الأمر أمام الملأ، لأنني أحس بأن هذا الأمر فيه إذلال للمستلم، كما وأنه لا يسلم من احتمال الرياء. لهذا كانت فترة الألعاب والصيحات الارتجالية التي لم يعد لها وعلى قصرها أجمل فترة في هذا اليوم.
بعد ذلك كان البرنامج فترة حرة، توجهت فيها مع مجموعة من المشاركين لرؤية إحدى البحيرات، والمعابد، ثم توجهنا إلى أحد المطاعم المحلية لصنع البرجر، وحصلنا على وجبة لذيذة جدا. بعدها توجهنا إلى أحد المحلات التجارية للتزود بالمؤونة. ثم عدنا إلى المكان التجمع للعودة إلى السفينة. وبالطبع النوم مباشرة. كان هذا اليوم طويلا وشاقا، ولكنه كان ممتعا مليئا بالمواقف الرائعة.



أحمد العوضي
18/2/2012

33 - ظهور على التلفزيون، ومباراة ودية


يوم جميل مميز في أحضان طبيعة خلابة، وتنظيم رائع. بدأنا برامج اليوم بزيارات منوعة، كل حسب دورته النقاشية. ذهبت مع أعضاء دورة الإعلام لزيارة إحدى القنوات التلفزيونية الوطنية السريلانكية. وفرحنا بمشاهدة أستودياتهم ومعداتهم، ثم حصلنا على وجبة خفيفة لذيذة، ثم تم عمل حفل بسيط لنا بحضور الرئيس وكبار المسؤولين بالقناة، وتم بث هذا الحفل مباشرة على هذه القناة. كان الحفل بسيطا تضمن بعض الرقصات الشعبية، فكنت أخرج من القاعة في كل مرة، وتضمن فترة نقاشية علمنا من خلالها بعض المعلومات عن القناة وسياستها ومصادر دخلها وما إلى ذلك.
بعد هذه الزيارة انطلقنا إلى المركز الشبابي، وهو مبنى وزارة الشباب السريلانكية (كالمؤسسة العامة للشباب والرياضة في البحرين)، وشتان بين مبنى المركز الشبابي السريلانكي ومباني المؤسسة العامة. فالمركز الشبابي مركز متكامل يحوي العديد من القاعات الكبيرة، وقاعات الطعام، إضافة إلى العديد من الملاعب لكرة القدم والطائرة، وغيرها من المرافق المهمة. زرنا المركز، وبالطبع تم استقبالنا استقبال حافل. وبدأنا أول البرامج بتناول وجبة الغداء، ثم انطلقت مع فريق السفينة لكرة القدم إلى غرفة تبديل الملابس للاستعداد للمباراة الودية التي تم تنظيمها لمواجهة فريق المركز الشبابي. وقبل المباراة شاهدنا عرضا منوعا عن الفنون القتالية الشعبية السريلانكية، وكان العرض جميلا لولا الجو المشمس الذي أجبر الكثير من المشاركين إلى الدخول داخل القاعات وتفويت مشاهدة العرض.
بعد ذلك استمتعنا بلعب مباراة ودية مع فريق المركز الشبابي، وكانت تجربة جديدة بالنسبة لي أن ألعب بقانون التسلل. كانت المباراة جيدة لممارسة الرياضة التي قلت ممارستنا لها على السفينة. بعد المباراة تم تكريم جميع المشاركين وحصلنا على ميداليات تذكارية، وجاء ابن رئيس الدولة لشكرنا على الحضور ومشاهدة الفعاليات.
بعد المباراة توجهنا إلى القاعة الرئيسية، حيث تم تنظيم حفل ثقافي، يهدف إلى عرض ثقافات سريلانكا، إضافة إلى بعض الدول المشاركة في السفينة. للأسف الثقافة هذه الأيام تعني شيئا واحدا، وهو الرقص، فكان البرنامج هو عرض رقصات مختلفة من مختلف العالم. كانت بعض الرقصات جميلة واستمتعنا فيها، وبعض الرقصات مخلة بالأدب فخرجنا من القاعة في أثنائها. بشكل عام كان الحفل جميلا.
بعد ذلك عدنا إلى السفينة وكان الجميع متعبا فخلدنا إلى النوم.


أحمد العوضي
17/2/2012

32 - مرحبا كولومبو، التواصل مع العالم، وهذه سريلانكا


تغيير جديد عن الروتين اليومي على الأبواب. وأقصد بالروتين اليومي هو الحياة على السفينة، فعلى الرغم من تنوع البرامج إلى أن الطابع العام واحد، والتوقيت اليومي واحد، والأماكن التي نجلس بها ونقيم فيها الأنشطة هي هي لا تتغير. اليوم هو يوم وصولنا إلى العاصمة التجارية لسريلانكا كولومبو، أجل كولومبو ليست عاصمة سريلانكا كما يتوقع الكثير، بل هي العاصمة التجارية، وعاصمة سريلانكا الحقيقية هي سري جاياواردنابوري كوتي. استيقظت صباحا على أصوات موسيقى الفرق السريلانكية التي كانت بانتظارنا في الميناء. انتهيت من الإجراءات الصباحية (أسنان، استحمام،.. إلخ) سريعا، وخرجت لمشاهدة هذا الاستقبال الرائع والجميل، فأعلام الدول المشاركة ترفرف في الميناء، والفرق الموسيقية الشعبية والحديثة في كل مكان، إضافة إلى اللوحات الترحيبية الكبيرة.
استمتعنا بالاستقبال الحافل، ثم انطلقنا إلى القاعة الرئيسية لبدء برنامج اليوم. بدأ البرنامج بعرض جدول الفعاليات والزيارات خلال فترة مكوثنا في سريلانكا، ومن خلال العرض استبشرت بالبرامج لأنها متنوعة وجميلة. بعد ذلك تم عرض بعض المعلومات التي يجب معرفتها عن سريلانكا كطرق المواصلات والأماكن الأنسب للزيارات. بعد ذلك رحبنا بجمعية سفينة شباب العالم بسريلانكا، وقدموا لنا بعض النصائح والإرشادات كذلك. ثم بدأنا أول برامج سريلانكا بفترة حرة، سببت بعض المشاكل بسبب اختلاف الآراء حول المكان الأنسب للفترة الحرة، وكانت النتيجة أن يذهب كل شخص إلى المكان المناسب لرغباته. توجهت مع مجموعة إلى أحد المجمعات التجارية، تناولت وجبة الغداء واشتريت بطاقة هاتف سريلانكية، وبدأت الفترة الذهبية لي منذ بداية البرنامج، الفترة التي يمكنني فيها الدخول إلى الإنترنت وقت ماشئت وأينما شئت، فاستغللت الفترة خير استغلال، وبدأت بالاتصال بالحب الغالي، والمنبع العذب، والداي. فرحت كثيرا بهذه الفترة الحرة على الرغم من أنني لم أقم بشيء يذكر سوى شراء خط الهاتف. في طريق عودتنا وضعت سماعة رأسي في إحدى أكياس أحد الشباب، وركبنا "التوك توك" وهي عبارة عن دراجات نارية ذات ثلاثة إطارات، تعمل كسيارات الأجرة، وتحمل ثلاثة أشخاص كحد أقصى. عند وصولنا إلى وجهتنا نسي صديقي الكيس في التوك توك، ولم نعلم ما العمل، كلمنا أحد أعضاء الوفد السريلانكي فكلم صاحب التوك توك، فأحضر الكيس لنا. فرحت كثيرا بعودة سماعة رأسي، فهي مؤنسي في الطرق الطويلة، ومدخلي إلى عالمي الخاص الذي أتذكر فيه وطني وصحبي وسيارتي العزيزة. وفرح صديقنا السريلانكي كثيرا بمساعدته لنا، شكرته كثيرا وشكرت صاحب التوك توك وأعطيته مبلغا إضافيا من المال لأمانته وتعاونه. بعد ذلك عدنا إلى السفينة وبدأن الاستعدادات لحفل العشاء الرسمي.
وصلنا إلى السفينة قبل موعد الحفل الرسمي بفترة طويلة نسبيا، فاستمتعت مع زميلي بالغرفة بلعب بعض الألعاب الرياضية الإلكترونية. بعدها استعددنا لحفل العشاء، وانطلقنا إليه. بدأ الحفل، وتكرر ماحدث في الحفل الرسمي في الهند، وتم تقديم الخمر، فخرجت من القاعة وذهبت إلى غرفتي واستغليت الوقت في الكلام مع الأهل في البحرين. بعد فترة من الزمن عدت إلى المطعم، لأجد رئيس وفدنا الذي خرج معي من الحفل يقف عن المدخل، فدخلنا معا لتناول العشاء، أو ماتبقى منه بعد انتهاء الناس. لا أعرف ما هو السبب الحقيقي ولكنني استمتعت كثيرا بهذه الوجبة. ربما لأنها أتت بعد أن ضحينا بالعشاء بسبب وجود الخمر بالقاعة، أو ربما لأننا كنا نأكل و الإداريون يريدون منا الخروج بأسرع وقت ممكن، فكان نوع من "التطنيش"، ربما ولكن لا أدري ما هو السبب الحقيقي.
بعد ذلك أردنا أن نجلس في مكاننا المعتاد في الفيراندا، ولكن كان المكان مليئا بالمشاركين، فقد تم توفير إنترنت للجميع في هذه المنطقة، فكان المكان هادئا رغم امتلائه، فالكل مشغول بأموره وعينه لا تغادر شاشة جهازه. عن نفسي عدت إلى غرفتي فقد كنت متعبا، إضافة إلى أنه يمكنني استخدام الانترنت وقتما شئت، فقمت ببعض المكالمات البسيطة مع الأهل والأصدقاء، وسلمت وجهي لفاطر السماوات.



خواطر:
1- عندما استعدت سماعة رأسي، وشكرت صديقي السريلانكي، فرح كثيرا وقال: "لاتخف، هذه سريلانكا". وكذلك فعل أحد أعضاء الوفد السريلانكي الآخرين. كل إنسان أنى كان مكانه وموقعه يمثل جهات أخرى، ومحسوب عليها، سواء كانت الجهة جهة رسمية أو منطقة أو عائلة أو أي أمر آخر. ربما الشخص ينكر هذا الأمر ويقول بأن المسؤول الوحيد عن تصرفاته هو هو، ولكن لا يمكن إنكار أن الشخص إذا عمل عملا حسنا سيفتخر لأنه مثل نفسه والجهات الأخرى خير تمثيل.


أحمد العوضي
16/2/2012