السبت، 2 أبريل 2016

مُخْلِصٌ بِشُروط..

((إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ مانوى))، حديث أزعم أنه لايغيب عن أحد من المسلمين، فالنية موضوع مهمٌ فهمه ليحصل المرء على الأجر، فلاعمل من غير نية. 
السؤال الذي أود طرحه والتفكير فيه في هذا المقال، ما هو المقصود بالنية؟ وما دورها في العمل الجماعي؟ سواء كان عملا خيريا دعويا أو عملا تجاريا أو غير ذلك.
في تعريف السيوطي النية “عبارة عن انبعاث القلب نحو ما يراه موافقاً من جلب نفع أو دفع ضر حالاً أو مآلاً”. أركز هنا على كلمتي “القلب” و “مايراه” فالنية أمر لايطلع عليه أحد ولايمكن لأحد أن يعلم يقينا نية أحد آخر، وهي كذلك تختلف عند كل شخص حتى وإن كان العمل الظاهر متشابها. من هنا تأتي أهمية النية في العمل الجماعي، فقد تكون المجموعة تعمل سويا لأجل هدف معلن واضح ولكن أهداف القلوب ونياتهم تختلف، فهذا يعمل -حقيقة- لأجل المنصب، وهذا لأجل الصحبة، وذاك يعمل لأنه اعتاد على هذه الأجواء منذ صغره.
المشكلة الكبيرة -باعتقادي- ليست عدم إخلاص النية تعمدا كما المنافقين، ولكن هي عدم الإخلاص الخفي، فإن سألت الشخص عن سبب عمله الدعوي سيقول مباشرة ومن دون ذرة تردد “لله” وقد يكون صادقا حينها، ولكن ما إن تؤخذ منه مسؤولية كانت عنده أو منع من أمر كان يأمل أن يحصل عليه، أو نصحه أحد أو تكلم عنه إلا وتراه يستشيط غضبا ويستجمع كل حيلته وقوته لمحاربة من يراه سببا فيما حدث له. ثم وإن سُئِل عن سبب ما يفعله سيرد “نحن نعمل لله وما أقوم به ليس إلا خوفاً على مصلحة العمل”، فهو مخلص شرط أن يكون ذا مكانة ومنصب في العمل، مخلص شرط أن ينال مايراه هو أنه من حقه، مخلص شرط أن تسير الأمور وفق هواه.
هو موضوع مهم وخطير وعلى كل شخص يَحْسَب نفسه جزءاً من عمل جماعي أن يراجع نيته دائما ويذكر نفسه بسبب وجوده في مكانه، ويجعل نيته الخالصة لله عز وجل مثبتا له على الطريق الصحيح. فمن الطبيعي أن تمر على الشخص مواقف صعبة، وقد يكون مظلوما فيها، ولكن شتان بين من يحتسب أجر المشقة في سبيل الدعوة لله وبين من ينقلب على وجهه عند أقل امتحان ويسبب فتنا في الجماعة ظاهرها الخوف على مصلحة الجماعة وحقيقتها ليست إلا طمعا في أمر دنيوي بحت.

رسالة: 

لايوجد عمل كامل خال من الأخطاء، فيجب على الجميع العمل لأجل سد الخلل وهذا يكون عبر الطرق المستقيمة والوسائل الواضحة، لا عن طريق إصلاح خلل في الجماعة بعمل شرخ أكبر منه.