الاثنين، 6 أغسطس 2018

هل ستملك في الغد ما يستحق أن يُروى؟

"قبل كنا نلعب في ملعب الفريج وكنه نناديه الوحش لأنه كان خوش دفاع"، "ذيج الحزة كان هني بيت أم محمود اللي كانت توزع حلاوة عاليهال"، "هالبيت كان فيه فيصلو اللي يبط الكور". لقطات من حوارات أكاد أجزم أن الكل قد مر بها، وأجزم أن السامع في هذا الحوار كان يبتسم ابتسامة مع إيماءة خفيفةأملًا -في الغالب- من أن يكتفي المتحدث بهذا القدر من الذكريات التي ترى من ابتسامته وهو يحدثك أنه يراها وهي تُعرض على وجهك، وهو -بحديثه- يمر عليها في عالم افتراضي متكامل الأبعاد.
الأمثلة الماضية هي الذكريات التي نسمعها من معظم كبار السن عندما تسنح فرصة حوار مع أحدهم، ولكن هناك فئة أخرى يكون لسماع ذكرياتهم أثر خاص، فقصصهم تشدك، وأحداثها تذهلك، فهي تجعلك تدرك أن ما تراه أمامك من أثر لم يأتِ عبر طريقٍ سهلٍ مُعَبَّد، وتتذكر أن ما تقوم به اليوم هو ما سترويه لغيرك غداً. فالسؤال هو هل ستملك في الغد ما يستحق أن يُروى؟
سؤالٌ غريبٌ فريدٌ من نوعه، فهو سؤال عندما تطرحه على نفسك لن تجيب عليه، بل سيدفعك -إن أحسنت التفكير ووفقك الله- إلى العمل والاجتهاد، سيدفعك إلى تَتَبّع أفضل من سطروا التاريخ بأعمالهم، سيبعث فيك القوة لبذل المزيد من الجهد فيما يفيد، سيُذكرك بأننا نسير في طريق متصل فأعمالنا اليوم هي التي تبني الغد، سيجعل غايتك واضحة أمامك تجنبك الحياد عن الطريق الصحيح، سيعينك على التغلب على مشاق الدرب وتعبه. 
بالأمس تم تكريم الفوج الثاني من مؤسسي جمعية الإصلاح والعاملين القدامى فيها. هذا الموقف جعلني أفكر كثيرا في هذا السؤال، تأملت حالي وما أقدمه لخدمة ديني ووطني ومجتمعي، هل ما أقدمه سيساهم في تَطَوّر المكان الذي أعمل فيه، أم هو مجرد تمضية وقت مع أصدقاء لي؟ هل نيتي وهدفي من العمل صالحين فأثبت بفضل من الله تعالى على نهج الخير، أم أنا أعمل لهوى في نفسي وحبا لمنصب أو مسمى؟
خواطر وأفكار كثيرة تمر عند التفكير بهذا السؤال حتى أصل في مرحلة ما إلى نقطة أشعر فيها بعظم الغاية أمام إنسان ضعيف نفسي، فأتوقف وأتذكر بأنه "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها" فأعمل بما لدي من أسباب، دعاء الله عز وجل بالثبات، صحبة تذكرني كلما فترت أو ضعفت، وتفكير دائم في هذا السؤال " هل ستملك في الغد ما يستحق أن يُروى؟".