الخميس، 23 فبراير 2012

37 - بداية مشروع، ومقالب مضحكة


استيقظت صباح هذا اليوم باكرا، لأنني لم أنم في غرفتي بسبب "انشغال" أحد زملائي في الغرفة بـ"اجتماع" خاص. كان للتبكير في الاستيقاظ فائدة جيدة، فقد تناولت وجبة الإفطار للمرة الرابعة -كما أعتقد- منذ بداية البرنامج. بعد ذلك بدأت الجلسة الخامسة من جلسات الجلسة النقاشية، وكانت جلسة بسيطة، احتوت على مجموعة من العروض التي قدمها المشاركون عن بعض المشاريع التي كان للإعلام دور في نشرها. تكلمت في عرضي عن مشروع "ركاز" و "RV". وبدأنا في هذه الجلسة مشروعا بسيطا، حيت تم تقسيمنا إلى مجموعات، ثم تم إعطاء كل مجموعة صفة أو مهارة والمطلوب منها هو أن تنشر هذه الصفة بطريقة إعلامية لتصل إلى جميع المشاركين في السفينة. كانت مجموعتي مكونة من أربعة أشخاص، وعلينا أن ننشر صفة تحمل مسؤولية الأفعال.
بعد اجتماع بسيط حددنا فيه الطرق التي سنتبعها لنشر هذه  الصفة، انطلقنا إلى البرنامج القادم وهو الغداء، ثم اجتماع اللجان. بسبب أن لجنتي هي لجنة العروض الوطنية، وبأننا قد انتهينا من العروض، قضيت هذا الوقت في تصوير بعض المشاركين بهدف عمل فيديو بسيط عن السفينة.
بعد ذلك حان للساموراي أن يتدرب من جديد مع الحصة الثانية من حصص النوادي الفنية، تدربنا هذه المرة على مجموعة من الضربات الجديدة، وتم توزيع بعض الدروع التي يستخدمها لاعبو هذه الرياضة أثناء البطولات الرسمية، والتي تهدف إلى حماية الساموراي.
بعد حصة رائعة من التدريب، توجهنا إلى وجبة العشاء، ثم ساعدت الوفد الروسي في عرضهم الوطني. وبعد ذلك كانت حفلة الوفد السريلانكي، فشاركنا فيها. شعرت بالاستياء هذه الفترة، لأنني عزمت على أن أقدم فعالية تطوعية أحكي فيها قصة سيدنا يوسف للمشاركين قبل أن أعلم بشأن الحفلة السريلانكية، فأجلت الفعالية إلى وقت آخر.
نهاية هذا اليوم كانت مميزة جدا، فقد كان رؤساء الوفود يخططون لعمل فيديو للسفينة، وطلبوا مساعدتنا. كما قمنا بعمل بعض المقالب والمواقف لبعض المشا




أحمد العوضي
21/2/2012

36 - بداية الساموراي


صباح جميل، بدأنا فيه يومنا. بدأنا بالطابور الصباحي والذي كان في الساحة الرياضية على سطح السفينة. أرادت المجموعة المنظمة لهذا اليوم أن تقوم ببرنامج لدعم السلام العالمي. فجلس جميع المشاركون بترتيب معين ليشكلوا علامة السلام العالمية، ولبس الجميع الملابس البيضاء، إضافة إلى تخصيص برامج الطابور لهذا الموضوع. بعد الطابور كانت جلسة مناقشة الآراء حول برنامج سريلانكا، وكانت معظم الآراء -حسب بحثي- إيجابية جدا، وتنوعت الآراء حول أفضل البرامج، وقد كان رأيي بالطبع هو برنامج زيارة المدرسة، وقد ورد برنامج زيارة المعبد والمركز الشبابي كذلك ضمن قائمة أفضل البرامج. وعلى العكس، اتفقت معظم الآراء على أن أسوأ البرامج كان برنامج زيارة الرئيس للسفينة، فقد كانت زيارة سريعة جدا، ولكنها أتعبت الجميع بالإجراءات المعقدة قبل اللقاء.
بعد ذلك بدأنا الفترة الثانية من النوادي الفنية، وأخذت أول حصة من حصص فن الكندو الياباني أو كما هو معروف "الساموراي"، استمتعت كثيرا بهذه الحصة، فقد تعلمنا طريقة لبس الملابس الخاصة، والضربات الأساسية في اللعبة. بعد هذه الحصة الممتعة كانت وجبة الغداء، ثم بدأت أول فعالية من فعاليات برنامج مابعد السفينة. وتقسم البرنامج إلى قسمين، قسم تكلم فيه الإداريون عن بعض تجاربهم وبعض مهام المشاركين بعد العودة إلى ديارهم. وفي القسم الثاني تقسم المشاركون إلى مجموعات لحضور مجموعة من ورش العمل عن مجموعة منوعة من المواضيع، وذهبت أنا إلى محاضرة "كيف يمكن العودة للمشاركة في السفينة"، وتكلم فيها المقدمان عن الطرق الرسمية التي يمكن للمشارك في البرنامج  في إحدى الدفعات المشاركة فيه مرة أخرى. وأهم الشروط الأساسية الذي يتطلبها هذا الأمر. حضرت هذه المحاضرة بدافع الفصول فقط، وعلمت بعض المعلومات التي كنت أتساءل عنها.
بعد الانتهاء من هذه المحاضرة، كانت فترة العشاء، ثم فترة اجتماع أعضاء الوفد، وأخيرا ختمنا يومنا باللعب مع العديد من المشاركين في قاعة الفيراندا.


أحمد العوضي
20/2/2012

35 - راحة بعد تعب، وتجربة علمية


يوم خفيف بعد أيام طويلة، مليئة بالتنقل والتعب، مليئة بالتجارب والخبرات، مليئة بالمتعة والترفيه. بدأ اليوم بفترة حرة في الساعة السابعة والنصف حتى الساعة العاشرة. أعتقد بأنني استغليت هذه الفترة الحرة أفضل استغلال، فقد قضيتها في جو من "التأمل" والخيال. استيقظت قبيل العاشرة، وبدأ الاستعداد سريعا لبرنامج بسيط ولكنه بالغ الأهمية، فقد كنا على موعد مع رئيس سريلانكا. اجتمعنا في القاعة الرئيسية، وبعد فترة انتظار دامت قرابة الخمس وعشرون دقيقة دخل رئيس سريلانكا القاعة ورحب بنا ثم أخذ بعض الصور مع مجموعة من المشاركين، ثم غادر بعد أقل من خمس دقائق. كان اللقاء في اعتقادي لقاء لوسائل الإعلام فقط، فقد كان سريعا جدا، لدرجة أننا لم نسمع صوته، بل رحب بنا ملوحا ثم وقف لالتقاط بعض الصور وغادر.
بعد ذلك كان البرنامج الرسمي هو إجازة إلى نهاية اليوم، فاستغل المشاركون الفرصة -كالعادة- لعمل مجموعة كبيرة من الفعاليات التطوعية، التي تهدف إلى تبادل الخبرات والمعلومات والمهارات بين المشاركين. شاركت في فعالية ذات هدف علمي، فقد كانت تهدف إلى الإجابة على سؤال "هل تعتبر اللغة عائقا أمام فهم الثقافات الأخرى؟". كانت الفعالية عبارة عن مناقشة بعض المواضيع، ومحاولة إيصال نظرة كل شخص حسب ثقافته إلى الشخص الآخر من دون أي كلام، كما سيفعل أي سائح في دولة لا يعرف لغتها، ولا يعرف أحدا من أهلها. استمتعت بهذا البرنامج البسيط، وخرجت بوجهة نظر أنه يمكن التفاهم الأساسي من دون لغة، ولكن لا يمكن فهم ثقافة أخرى من دون معرفة اللغة. بعد ذلك انضممت إلى أعضاء وفدنا لترتيب مخزن الوفد، الذي نضع فيه جميع مستلزمات الفعاليات التي سنقيمها. بعد ذلك ذهبت إلى غرفتي لكتابة مذكراتي للأيام الثلاثة الماضية، فبسبب ضغط البرنامج لم أجد الفرصة لكتابتها. لم أنته من الكتابة إلا مع وقت العشاء، فذهبت إلى مطعم "فوجي". بعد ذلك ذهبت إلى المسرح لمشاهدة فيديو العرض الوطني الياباني، ثم انطلقت إلى قاعة "الإيميرالد"  للمشاركة في حفلة الوفد البرازيلي، والتي جعلوا أول ساعتين منها من دون كحول، لنشارك فيها. ذهبت إلى الحفلة ولم أطل البقاء هناك، فقد بدأت الموسيقى وبدأ المكان يتحول إلى مرقص من دون خمور، فعدت إلى الغرفة، وانتهيت من بعض الأمور.
بعد ذلك توجهت إلى قاعة "ساكورا" للجلوس مع أعضاء الوفد والدردشة معهم قليلا، وكان الجميع في هذه الأثناء مشغول للإعداد للفترة الثانية من النوادي الفنية. عندما أحسست بالتعب عدت إلى غرفتي وبدأت جلسة التأمل والخيال.


أحمد العوضي
19/2/2012

34 - أطول يوم، مواقف رائعة، وشوق إلى الطلاب


اليوم هو أطول يوم في البرنامج، فقد استيقظنا حوالي الساعة السادسة صباحا، قبل الموعد الاعتيادي للاستيقاظ بتسعين دقيقة، وقبل موعد الاستيقاظ الشخصي بمئة وخمس وأربعين دقيقة. سبب الاستيقاظ المبكر هو أننا سنتوجه إلى محضن للأفيال، ويجب أن نصل قبل موعد إطعام الأفيال لكي تسنح لنا الفرصة بإطعامهم، إضافة إلى بعد المسافة بين المرفأ والمحضن.
ركبنا الباص، وكان التعب باديا على وجوه الجميع، حسب بحثي البسيط علمت أن المعظم قد استيقظ قبل موعد الباص بما لا يزيد عن العشرين دقيقة، وكان هذا الأمر جليا واضحا بالنسبة للبنات فقد كانت كل بنت بيدها مرآتها وعلبة المكياج، في الباص. عندما وصل الجميع، انطلق الباص، وكانت هذه هي صافرة البداية لمسلسل النوم، فقد كان الجميع منهكا من برنامج الأمس.
في منتصف المشوار وقفنا لنصف ساعة في مكان جميل لتناول بعض العصائر، ثم أكملنا مشوارنا إلى المحضن. وصلنا هناك واستمتعنا بمشاهدة الأفيال وإطعامها. ثم أخذنا جولة في السوق المجاور للمحضن، واستمتعت بممارسة هواية "المقاصص". بعد ذلك توجهنا إلى فندق قريب لتناول وجبة الغداء.
بعد ذلك انقسم المشاركون إلى قسمين، فقسم توجه إلى أحد المعابد، وقسم آخر إلى إحدى المدارس الابتدائية. من حسن حظي أنني كنت من القسم الثاني، فتوجهنا إلى مدرسة ابتدائية. استقبلنا الطلاب الصغار بالتحايا والتصفيق. حاولت أن أعلم أحدهم طريقة التصفيق لصيحة "وحدة وحدة وحدة" والتي أصبحت مشهورة في السفينة، ولكنني لم أفلح في تعليمه. بعد ذلك بدأ البرنامج الرسمي وتم عرض بعض الرقصات الشعبية التي أداها مجموعة من الطلاب، ثم بعض الرقصات التي أداها مجموعة من المشاركين. وختم البرنامج الرسمي في المدرسة بتسليم أجهزة الحاسب الآلي التي تم شرائها من الأموال التي تم جمعها من قبل المشاركين في السفينة. وبعد ذلك بدأت أجمل فترة في اليوم، بل ربما في كل السفينة، فقد كانت فترة مفتوحة، فاستغلينا فرصة وجود الطلاب، وانطلقت في هذا الجو الجميل الذي اشتقت إليه كثيرا، جو الطلاب. قمنا بترديد بعض الصيحات والأهازيج كصيحة "أو لي لي كيتا تونغا"، ثم ثمنا بعمل بعض الألعاب الحركية للأطفال. فرح الأطفال كثيرا بذلك، وكنت أنا أطير من الفرحة بسبب ذلك. فقد كرهت ما حدث في القرية في الهند، من أننا اكتفينا بمشاهدة بعض العروض من الأطفال ولم نقدم شيئا، ثم في هذه المدرسة بدأنا ببرنامج رسمي شمل أيضا مجموعة من العروض، ثم تم توزيع أجهزة الحاسوب بطريقة لا أحبها، تهدف إلى إظهار هذا الأمر وتضخيمه إعلاميا، فأنا لا أحب أن يقوم المتبرع بالمباهاة بتبرعه أمام العالم، وتسليم المحتاج الأمر أمام الملأ، لأنني أحس بأن هذا الأمر فيه إذلال للمستلم، كما وأنه لا يسلم من احتمال الرياء. لهذا كانت فترة الألعاب والصيحات الارتجالية التي لم يعد لها وعلى قصرها أجمل فترة في هذا اليوم.
بعد ذلك كان البرنامج فترة حرة، توجهت فيها مع مجموعة من المشاركين لرؤية إحدى البحيرات، والمعابد، ثم توجهنا إلى أحد المطاعم المحلية لصنع البرجر، وحصلنا على وجبة لذيذة جدا. بعدها توجهنا إلى أحد المحلات التجارية للتزود بالمؤونة. ثم عدنا إلى المكان التجمع للعودة إلى السفينة. وبالطبع النوم مباشرة. كان هذا اليوم طويلا وشاقا، ولكنه كان ممتعا مليئا بالمواقف الرائعة.



أحمد العوضي
18/2/2012

33 - ظهور على التلفزيون، ومباراة ودية


يوم جميل مميز في أحضان طبيعة خلابة، وتنظيم رائع. بدأنا برامج اليوم بزيارات منوعة، كل حسب دورته النقاشية. ذهبت مع أعضاء دورة الإعلام لزيارة إحدى القنوات التلفزيونية الوطنية السريلانكية. وفرحنا بمشاهدة أستودياتهم ومعداتهم، ثم حصلنا على وجبة خفيفة لذيذة، ثم تم عمل حفل بسيط لنا بحضور الرئيس وكبار المسؤولين بالقناة، وتم بث هذا الحفل مباشرة على هذه القناة. كان الحفل بسيطا تضمن بعض الرقصات الشعبية، فكنت أخرج من القاعة في كل مرة، وتضمن فترة نقاشية علمنا من خلالها بعض المعلومات عن القناة وسياستها ومصادر دخلها وما إلى ذلك.
بعد هذه الزيارة انطلقنا إلى المركز الشبابي، وهو مبنى وزارة الشباب السريلانكية (كالمؤسسة العامة للشباب والرياضة في البحرين)، وشتان بين مبنى المركز الشبابي السريلانكي ومباني المؤسسة العامة. فالمركز الشبابي مركز متكامل يحوي العديد من القاعات الكبيرة، وقاعات الطعام، إضافة إلى العديد من الملاعب لكرة القدم والطائرة، وغيرها من المرافق المهمة. زرنا المركز، وبالطبع تم استقبالنا استقبال حافل. وبدأنا أول البرامج بتناول وجبة الغداء، ثم انطلقت مع فريق السفينة لكرة القدم إلى غرفة تبديل الملابس للاستعداد للمباراة الودية التي تم تنظيمها لمواجهة فريق المركز الشبابي. وقبل المباراة شاهدنا عرضا منوعا عن الفنون القتالية الشعبية السريلانكية، وكان العرض جميلا لولا الجو المشمس الذي أجبر الكثير من المشاركين إلى الدخول داخل القاعات وتفويت مشاهدة العرض.
بعد ذلك استمتعنا بلعب مباراة ودية مع فريق المركز الشبابي، وكانت تجربة جديدة بالنسبة لي أن ألعب بقانون التسلل. كانت المباراة جيدة لممارسة الرياضة التي قلت ممارستنا لها على السفينة. بعد المباراة تم تكريم جميع المشاركين وحصلنا على ميداليات تذكارية، وجاء ابن رئيس الدولة لشكرنا على الحضور ومشاهدة الفعاليات.
بعد المباراة توجهنا إلى القاعة الرئيسية، حيث تم تنظيم حفل ثقافي، يهدف إلى عرض ثقافات سريلانكا، إضافة إلى بعض الدول المشاركة في السفينة. للأسف الثقافة هذه الأيام تعني شيئا واحدا، وهو الرقص، فكان البرنامج هو عرض رقصات مختلفة من مختلف العالم. كانت بعض الرقصات جميلة واستمتعنا فيها، وبعض الرقصات مخلة بالأدب فخرجنا من القاعة في أثنائها. بشكل عام كان الحفل جميلا.
بعد ذلك عدنا إلى السفينة وكان الجميع متعبا فخلدنا إلى النوم.


أحمد العوضي
17/2/2012

32 - مرحبا كولومبو، التواصل مع العالم، وهذه سريلانكا


تغيير جديد عن الروتين اليومي على الأبواب. وأقصد بالروتين اليومي هو الحياة على السفينة، فعلى الرغم من تنوع البرامج إلى أن الطابع العام واحد، والتوقيت اليومي واحد، والأماكن التي نجلس بها ونقيم فيها الأنشطة هي هي لا تتغير. اليوم هو يوم وصولنا إلى العاصمة التجارية لسريلانكا كولومبو، أجل كولومبو ليست عاصمة سريلانكا كما يتوقع الكثير، بل هي العاصمة التجارية، وعاصمة سريلانكا الحقيقية هي سري جاياواردنابوري كوتي. استيقظت صباحا على أصوات موسيقى الفرق السريلانكية التي كانت بانتظارنا في الميناء. انتهيت من الإجراءات الصباحية (أسنان، استحمام،.. إلخ) سريعا، وخرجت لمشاهدة هذا الاستقبال الرائع والجميل، فأعلام الدول المشاركة ترفرف في الميناء، والفرق الموسيقية الشعبية والحديثة في كل مكان، إضافة إلى اللوحات الترحيبية الكبيرة.
استمتعنا بالاستقبال الحافل، ثم انطلقنا إلى القاعة الرئيسية لبدء برنامج اليوم. بدأ البرنامج بعرض جدول الفعاليات والزيارات خلال فترة مكوثنا في سريلانكا، ومن خلال العرض استبشرت بالبرامج لأنها متنوعة وجميلة. بعد ذلك تم عرض بعض المعلومات التي يجب معرفتها عن سريلانكا كطرق المواصلات والأماكن الأنسب للزيارات. بعد ذلك رحبنا بجمعية سفينة شباب العالم بسريلانكا، وقدموا لنا بعض النصائح والإرشادات كذلك. ثم بدأنا أول برامج سريلانكا بفترة حرة، سببت بعض المشاكل بسبب اختلاف الآراء حول المكان الأنسب للفترة الحرة، وكانت النتيجة أن يذهب كل شخص إلى المكان المناسب لرغباته. توجهت مع مجموعة إلى أحد المجمعات التجارية، تناولت وجبة الغداء واشتريت بطاقة هاتف سريلانكية، وبدأت الفترة الذهبية لي منذ بداية البرنامج، الفترة التي يمكنني فيها الدخول إلى الإنترنت وقت ماشئت وأينما شئت، فاستغللت الفترة خير استغلال، وبدأت بالاتصال بالحب الغالي، والمنبع العذب، والداي. فرحت كثيرا بهذه الفترة الحرة على الرغم من أنني لم أقم بشيء يذكر سوى شراء خط الهاتف. في طريق عودتنا وضعت سماعة رأسي في إحدى أكياس أحد الشباب، وركبنا "التوك توك" وهي عبارة عن دراجات نارية ذات ثلاثة إطارات، تعمل كسيارات الأجرة، وتحمل ثلاثة أشخاص كحد أقصى. عند وصولنا إلى وجهتنا نسي صديقي الكيس في التوك توك، ولم نعلم ما العمل، كلمنا أحد أعضاء الوفد السريلانكي فكلم صاحب التوك توك، فأحضر الكيس لنا. فرحت كثيرا بعودة سماعة رأسي، فهي مؤنسي في الطرق الطويلة، ومدخلي إلى عالمي الخاص الذي أتذكر فيه وطني وصحبي وسيارتي العزيزة. وفرح صديقنا السريلانكي كثيرا بمساعدته لنا، شكرته كثيرا وشكرت صاحب التوك توك وأعطيته مبلغا إضافيا من المال لأمانته وتعاونه. بعد ذلك عدنا إلى السفينة وبدأن الاستعدادات لحفل العشاء الرسمي.
وصلنا إلى السفينة قبل موعد الحفل الرسمي بفترة طويلة نسبيا، فاستمتعت مع زميلي بالغرفة بلعب بعض الألعاب الرياضية الإلكترونية. بعدها استعددنا لحفل العشاء، وانطلقنا إليه. بدأ الحفل، وتكرر ماحدث في الحفل الرسمي في الهند، وتم تقديم الخمر، فخرجت من القاعة وذهبت إلى غرفتي واستغليت الوقت في الكلام مع الأهل في البحرين. بعد فترة من الزمن عدت إلى المطعم، لأجد رئيس وفدنا الذي خرج معي من الحفل يقف عن المدخل، فدخلنا معا لتناول العشاء، أو ماتبقى منه بعد انتهاء الناس. لا أعرف ما هو السبب الحقيقي ولكنني استمتعت كثيرا بهذه الوجبة. ربما لأنها أتت بعد أن ضحينا بالعشاء بسبب وجود الخمر بالقاعة، أو ربما لأننا كنا نأكل و الإداريون يريدون منا الخروج بأسرع وقت ممكن، فكان نوع من "التطنيش"، ربما ولكن لا أدري ما هو السبب الحقيقي.
بعد ذلك أردنا أن نجلس في مكاننا المعتاد في الفيراندا، ولكن كان المكان مليئا بالمشاركين، فقد تم توفير إنترنت للجميع في هذه المنطقة، فكان المكان هادئا رغم امتلائه، فالكل مشغول بأموره وعينه لا تغادر شاشة جهازه. عن نفسي عدت إلى غرفتي فقد كنت متعبا، إضافة إلى أنه يمكنني استخدام الانترنت وقتما شئت، فقمت ببعض المكالمات البسيطة مع الأهل والأصدقاء، وسلمت وجهي لفاطر السماوات.



خواطر:
1- عندما استعدت سماعة رأسي، وشكرت صديقي السريلانكي، فرح كثيرا وقال: "لاتخف، هذه سريلانكا". وكذلك فعل أحد أعضاء الوفد السريلانكي الآخرين. كل إنسان أنى كان مكانه وموقعه يمثل جهات أخرى، ومحسوب عليها، سواء كانت الجهة جهة رسمية أو منطقة أو عائلة أو أي أمر آخر. ربما الشخص ينكر هذا الأمر ويقول بأن المسؤول الوحيد عن تصرفاته هو هو، ولكن لا يمكن إنكار أن الشخص إذا عمل عملا حسنا سيفتخر لأنه مثل نفسه والجهات الأخرى خير تمثيل.


أحمد العوضي
16/2/2012

31 - يوم خفيف، وتقدير لمجهود


برنامج خفيف هذا اليوم. بدأ قبيل الظهر، بعد قسط جيد من النوم. افتتحت البرنامج بمساعدة الوفد السريلانكي في التدريب على عرضهم الوطني، ثم تناول وجبة الغداء، وبعد ذلك بدأ البرنامج الرسمي باجتماعات لمعرفة رأي المشاركين ببرنامج الهند. كان الرأي العام هو الإشادة بحفاوة وترحيب جميع من استقبلونا، ولكن الغالب تمنى لو كانت فترة زيارة القرى أطول من مجرد ساعتين نقضيها في مشاهدة بعض العروض من القرية، فقد تمنى معظم المشاركين لو كانت هناك مدة أطول لتقديم شيئا للقرى، سواءا كان هذا الشيء مسابقات وألعاب للأطفال أو عمل تطوعي إنساني للأهالي، أو غير ذلك من الأمور.
استمر الاجتماع ساعة كاملة، ثم بدأ برنامج التعريف ببرنامج سريلانكا، وحسب الجدول الذي استلمناه، فإن برنامج سريلانكا سيكون أفضل بكثير من برنامج الهند. تلى ذلك عرض لأهم النقاط التي يجب معرفتها عن سريلانكا.
بعد ذلك كانت وجبة العشاء، ثم العرض الوطني للوفد السريلانكي. كان العرض جيدا، ولكن أكثر ما أفرحني هو أنهم خصصوا فقرة من عرضهم لأداء أنشودة شعبية سريلانكية عن سيدنا بلال بن رباح رضي الله عنه. بعد ذلك بدأ البرنامج اليومي الليلي، وكالعادة جلسنا في الفيراندا.

خواطر:
1- بعد الانتهاء من العرض الوطني السريلانكي خرج أعضاء الوفد للترحيب بالجمهور، وشكروا جميع من ساعدهم، وبدأوا بي وطلبوا مني الصعود على المسرح. على الرغم من أنني لم أتوقع ذلك ولم أرده من الأساس، فأنا لم أقم بمساعدتهم -أو أي أحد من الوفود الأخرى- لأجل جزاء أو شهرة. ورغم ذلك فرحت بأنهم قدروا ذلك العمل، وتذكرت حديث الرسول (ص): (( لم يشكر الله من لم يشكر الناس))، وتذكرت بأن كل إنسان مهما كانت درجة إخلاصه سيفرح بثناء الناس وتقديرهم لجهوده.

أحمد العوضي
15/2/2012

30 - يوم الاستفادة من الخبرة، والثقافة غير الرسمية

وضع أهداف اليوم، شيء مهم يجب على كل شخص أن يحدده في بداية كل يوم. فبتحديد الأهداف يمكن تحديد النوايا، و ((إنما الأعمال بالنيات))، فكل نية حسنة تعني خيرا أكثر في هذا اليوم. استيقظت اليوم وكلي رغبة في استغلال السويعات المحدودة للفترة الحرة خير استغلال، فقد كانت أهدافي بشأن الفترة الحرة أربعة، الذهاب إلى حلاق، شراء موارد غذائية، الحصول على إنترنت، وأخيرا أكل برياني على الغداء (الله على برياني أم أحمد).
استيقظت وتوجهت إلى نقطة اللقاء بأعضاء الوفد، ثم انطلقنا إلى الباص الذي أخذنا إلى أحد المجمعات التجارية الكبيرة. أول إحباط أصابنا عندما وصلنا المجمع في تمام الساعة التاسعة، وعلمنا أن المجمع لن يفتح أبوابه إلا في العاشرة. كان الجميع واقفين أمام المجمع تحت أشعة الشمس في جو الهند الحار، لا يعلم أحد مايمكن عمله لاستغلال هذه الساعة، فلا أحد يعرف أي مكان يمكننا زيارته، إضافة إلى أننا لا ندري إذا كان المكان الآخر مفتوحا في هذه الساعة. وجدنا في هذا الوضع فرصة ممتازة لعملية الإحماء للمفاوضات مع البائعين، فتوجهت إلى رجل الأمن وسألته أن يدخلنا المجمع لكي ننتظر في المكان المكيف، ومارست بعض حيل المفاوضات -الحصرية- البحرينية، فنجحت وبتفوق، ففرح الجميع بالدخول إلى المجمع والانتظار في جو أفضل. قضينا ساعة الانتظار في التجول في أرجاء المجمع، لمشاهدة المحلات لكي نعرف أماكن المحلات التي نريدها، لكي لا يضيع الوقت في البحث.
فتحت المحلات، وكالعادة العاشرة بتوقيت أصحاب المحلات -في غير اليابان- تعني العاشرة والربع. لم يكن أفكر بشراء أي شيء، فلا أعتقد بأنني سأحصل في الهند على أي شيء غريب علينا في البحرين، ولكن من خلال الجولات مع المجموعة مررنا ببعض المحلات الجيدة، فدخلنا وبدأت عملية المفاوضات (المقاصص) لأجل الحصول على أفضل سعر. لكي اكون دقيقا في وصفي، بدأ السعر بألفين وخمسمئة ربية هندية (خمسة وعشرون دينارا بحرينيا)، وانتهينا بعد ممارسة حيل المفاوضات التي تعلمناها من أمهاتنا في البحرين إلى سبع مئة ربية (سبعة دنانير). بالطبع يمكن بسهولة تخيل حال البائع بعد الانتهاء من العملية. ولكنه بالتأكيد قد ربح كثيرا، فقد دعونا جميع المشاركين للشراء منه، والكثير منهم فعل بسبب السعر الجيد.
بعد ذلك توجهت إلى محل الحلاقة، فبسبب ضعف قوة الكهرباء على السفينة لا أستطيع استخدام آلة الحلاقة لتخفيف الشعر. ضاع الكثير من الوقت في محل الحلاقة، لذلك انطلقت سريعا بعد ذلك إلى محل الإنترنت للانتهاء من بعض الأمور. بسبب ضيق الوقت انتهيت سريعا من محل الإنترنت، وانطلقت للحاق على الباص للعودة إلى السفينة. بسبب ذلك لم أستطع أن أشتري أي شيء للغداء، ولم أستطع الذهاب للتزود بالمؤونة. عدنا إلى السفينة، وحصلنا على وقت حر، فاستمتعت بلعب كرة القدم وكرة السلة، ولكنني -وللأسف- لم أستطع الاستمتاع طويلا، فسرعان ما طلبني الوفد البرازيلي لمساعدتهم في الإعداد لعرضهم الوطني. كان عرضا جيدا تعلمت فيه بعض المعلومات الجيدة عن البرازيل، ولم يكن -كما كنت أتصور- مليئا بالرقص والغناء.
بعد ذلك بدأت الاحتفالات بهذا اليوم "الخاص". حفلات وفعاليات في كل مكان، كان هذا هو الحال في السفينة هذه الليلة. ذهبت إلى غرفتي وأردت أن أنام، ولكن أخبرني زميلي في الغرفة بأن لديه "اجتماعا" في الغرفة، وسألني بلطف أن أعطيه بعض الخصوصية. على الرغم من أنني كنت تعبا، وأردت أن أنام، إلا أنني فكرت في زميلي، وكيف أنني مرتاح جدا للسكن معه، وبأنه يحترمني في كل شيء، فهو لا يحضر شرابا إلى الغرفة كما يفعل البقية، ولا يدخل الغرفة وهو سكران، ولا يحضر أحد إلى الغرفة، لهذه الأسباب أردت قبلت بأن أترك الغرفة له، لأن هذا اليوم مميز بالنسبة إليه.
ذهبت وجلست مع أعضاء وفدنا في مكاننا المعتاد، واستمتعنا بحضور مجموعة من المشاركين. حاولنا تعليمهم العديد من الأمور الغير رسمية، كنطق بعض الحروف العربية،  وطريقة التصفيق البحرينية، وأخيرا علمناهم شيئا من خبرتنا في استخدام الطاولات كأدوات موسيقية، كما يفعل طلاب المدارس بين الحصص.


أحمد العوضي
14/2/2012

الثلاثاء، 14 فبراير 2012

29 - بداية قبل الاستيقاظ، وكنز القناعة


بدأ يومي هذه المرة قبل أن أستيقظ صباحا، فقد كانت جميع أحلامي هذه الليلة عن الوطن، فقد كنت أحلم بأن البرنامج قد انتهى وبأنني وسط أهلي أعمل على مشروع تخرجي. استيقظت مرات عديدة هذه الليلة، ولكن الحلم بلقاء الأهل والأصحاب أراحني، فاستيقظت نشطا هذا الصباح. كان موعد الاستيقاظ لهذا اليوم مبكرا، فبرنامجنا اليوم يحوي زيارات لأماكن بعيدة نسبيا عن الميناء. انطلقنا أولا إلى معهد وطني وهو "معهد راجيف غاندي الوطني لتطوير الشباب"، وهو الجهة التي رتبت لنا برنامجنا في چنّاي. بدأنا باستقبال رائع وحار من موظفي المعهد، وحصلنا على وجبة خفيفة. المهم في الوجبة الخفيفة هو الشاي، فقد بلغ اشتياقنا للشاي بالحليب مداه، فاستغلينا وجود مراكز عديدة لتوزيع الشاي خير استغلال، لم أتوقف -كبعض شباب وفدنا- إلا بعد أن شعرت بالحر الشديد نتيجة شرب الشاي الحار.
دخلنا المعهد وتوزعنا على المحاضرات المتوفرة، والتي قد اختار كل مشارك الموضوع الذي يفضله من قبل أن نصل إلى الهند. المحاضرة التي شاركت فيها كانت عن المساواة الجنسية. كنت أظن بأنهم سيتكلمون عن حقوق المرأة وهذه الظاهرة الغربية التي يستنسخها الكثير من الذي آسف على حالهم في دولنا، ولكن الموضوع كان أكثر من ذلك، فقد تكلمت "الأستاذة" عن أنه لا يجب أن يكون هناك طرفين، فلايمكن أن نقول ذكر وأنثى ونهمش البقية من جنس ثالث ومحولي الجنس. وتكلمت كثيرا بكلام سخيف -حسب اعتقادي- عن أنه يجب علينا أن لانفرق بين الذكر والأنثى منذ الصغر، فنحن عندما نحضر للصبي أدوات حرب كهدية، وفي المقابل نحضر للبنت أدوات طبخ، نكون قد شكلنا تصور للأطفال بأن دور المرأة يكون في بيتها وفرقنا بالتالي بين الجنسين. استمرت المحاضرة خمسا وأربعين من هذا الكلام الفارغ، وبعد أن انتهت وددت لو أتكلم في هذا الموضوع، لكنني شعرت بأن المجال لايسمح لجدال طويل، وبأن البرنامج مزدحم وعلينا التحرك سريعا.
انطلقنا بعد ذلك إلى وجبة الغداء، والتي كانت بالنسبة لي مجموعة كبيرة من الخبز الهندي المعروف "الچباتي"، واستمتعت بالوجبة مع مجموعة من المشاركين.
بعد الغداء عدنا إلى الباصات وانطلقنا في رحلة طويلة إلى مجموعة من القرى الهندية. وصلنا القرية، وكان المظهر الخارجي يدل على جهد كبير لتزيين القرية، على الرغم من الفقر الواضح. حظينا باستقبال حافل كالعادة، وكانت مجموعات من طلبة مدرسة القرية يحيوننا بالورود والأهازيج. كنا نمشي في القرية ونتأمل في الحالة البسيطة التي يعيشون فيها، ولكن الناظر إلى وجوههم وهم يستقبلوننا يجزم بأنهم أسعد من على الأرض. قناعة رائعة وجدناها في وجود جميع سكان القرية، وحسن ضيافة واستقبال أفرحنا كثيرا. بعد برنامج بسيط وبعض الكلمات والرقصات الترحيبية، عدنا إلى الباص. وقبل ان نركب الباص اقترح "حسن" عضو وفدنا، والذي صادف أن تكون مجموعته معنا في هذه الزيارة أن نشتري مجموعة من الحلويات ونوزعها على الأطفال، ففعلنا وكانت هذه اللحظات بالنسبة لي هي أجمل لحظات اليوم. رأينا مجموعة كبيرة من الأطفال الصغار يتوافدون لأخذ نصيبهم من الحلوى، فشعرت بشعور جميل لا يمكن وصفه.
بعد ذلك عدنا إلى السفينة وتجهزنا بسرعة خيالية لحفل العشاء الرسمي بالهند، والذي حضره مجموعة من كبار الشخصيات من القنصلية اليابانية والسنغافورية وغيرها، إضافة إلى مجموعات من المعاهد التي زرناها، ومجموعة من المشاركين السابقين في البرنامج. لم أطل البقاء في حفل العشاء، فسرعان ما بدأ توزيع الخمر بعد مجموعة بسيطة من الكلمات الرسمية وتبادل الهدايا.
بعد ذلك تجمعنا كالعادة في مكاننا في قاعة الفيراندا، واستمتعنا باللعب مع بعض المشاركين.


أحمد العوضي
13/2/2012

28 - "ناماستي" چنّاي، وجامعة تبشيرية


عجيب هو أن تعيش على وطن متحرك ينقلك من مكان إلى مكان، تعيش يوما بشكل طبيعي وفجأة تخرج لترى عالما جديدا من حولك. استيقظنا صباح هذا اليوم وتوجهنا مباشرة إلى القاعة الرئيسية لشرح برنامجنا للأيام القادمة في مدينة "چنّاي" الساحلية بالهند. برنامجنا يشمل زيارات لبعض المراكز، وبعض القرى، إضافة إلى برنامج حر للتسوق. وشرح أعضاء الوفد الهندي بعض النقاط المهمة المتعلقة بثقافة أهل المنطقة وطريقة معاملتهم، وذكرت نقاط مهمة متعلقة بالتسوق، أعتقد أنها ستندم على ذكرها إذا شاهدتنا أثناء التسوق. ذكرت بأنه عند شراء أي غرض، علينا دفع نصف المبلغ الذي يطلبه البائع، لأنهم يرفعون الأسعار على الأجانب. تبادل أعضاء وفدنا النظرات ولسان نظراتنا يقول "هاردلكم يالهنود".
وصلنا الهند وبدأت إجراءات الجمارك والجوازات، وشتان بين الهند وسنغافورة،  فقد جاء موظفوا الجمارك بالهند وجلبوا معداتهم واحتلوا قاعة من قاعات السفينة لإنهاء الإجراءات، وكأن الأماكن في الهند قد انتهت فلم يبق إلا قاعات السفينة. خرجنا من السفينة لنحظى باستقبال حار رائع، فقد جاء المشاركون السابقون للبرنامج ليستقبلونا محملين بالهدايا التذكارية. وجاءت كذلك فرقة الأشبال الموسيقية من إحدى مدارس المنطقة. كان الاستقبال جميلا جدا، ولكنه لم يدم طويلا، فكعادة الجدول في البرنامج لا يمكنك الاستمتاع بالمكوث في المكان، بل عليك أن تشاهد الوضع للحظات ثم تنطلق للحاق بالبرنامج القادم. ركب المشاركون الباصات، وانطلقت كل مجموعة إلى أحد الأماكن. ذهبت مجموعتنا إلى إحدى الجامعات النسائية التي تأسست على يد المبشرين المسيحيين في أربعينيات القرن الماضي. شاهدنا في هذه الزيارة طريقة عمل الجامعة، والأقسام التي تحتويها. بالفعل هو عمل ضخم، فعدد الطلبة حاليا يفوق الثلاثة آلاف طالب، وبها العديد من التخصصات، إضافة إلى العمل التنصيري في تدريس المسيحية، ووجود سكن للطالبات في حرم الجامعة.
انتهينا من الزيارة بعد أن شربنا ولأول مرة منذ مايقارب الشهر شايا بالحليب، ولا أعتقد بأن هناك داعي لذكر أنني شربت أكثر من كأس واحد.
بعد الزيارة عدنا إلى السفينة، وكان هذا هو البرنامج الرسمي لهذا اليوم. من أجل ذلك نظم الوفد الفنزويلي حفلة في السفينة، ولأجل حضورنا، جعلوا أول ساعة ونصف من الحفلة من دون خمور، فشاركنا واستمتعنا بالطعام الفنزويلي وبمشاركة الجميع في الحفلة. بعد أن انتهت الساعة والنصف، خرجنا من الحفلة وعقدنا اجتماعا مهما مع أعضاء الوفد لمناقشة بعض المستجدات. بعد ذلك أنهكنا التعب فعدت إلى غرفتي وسرحت في عالمي.

خواطر:
1- عندما رأيت هذه الجامعة المسيحية، علمت كيف أن عملا بسيطا لا يتجاوز المشاركين فيه الثلاثين طالبة يمكن أن يتطور ليصبح صرحا كبيرا. وتذكرت أعمال الشيخ عبدالرحمن السميط في أفريقيا، وكيف أن الناس من الممكن أن تفكر بأن إنشاء مركز صغير لتعليم الإسلام أمر بسيط، ولكنه ببركة الله وبجهد وعمل المخلصين ممكن أن يكون منارة للهدى في أي دولة من دول العالم. وصدق المصطفى (ص): ((لاتحقرن من المعروف شيئا)).


أحمد العوضي
12/2/2012

27 - احترام لرأي الأقلية، وأسف على جهل البعض


رقم قياسي جديد للاستيقاظ صباحا من دون أي تأخير، ستة وعشرون يوما. اليوم وللأسف توقف الرقم عند هذا الحد، فقد استيقظت متأخرا عن موعد التجمع الصباحي بخمس دقائق، فغيرت ملابسي سريعا وذهبت للتجمع من قبل أن تبعث القوات الخاصة (الإدارة) سراياها لاقتحام الغرفة كما فعلت بأحد أعضاء وفدنا. سجلت حضوري في التجمع ثم عدت سريعا إلى الغرفة لأنهي بعض الأمور كالاستحمام.
بعد أن انتهيت من الإجراءات الرسمية لكل صباح توجهت إلى البرنامج التالي وهو حصة جديدة من الدورات النقاشية، وفي هذه الحصة تكلمنا عن كيف يمكن للمعلومات أن تسبب العديد من المشاكل كما حدث في بريطانيا وأمريكا. ثم تم اقتراح العديد من المواضيع وتم التصويت على خمسة مواضيع لمناقشتها في هذه الجلسة، واختار كل مشارك الموضوع الذي يفضله. اخترت مناقشة موضوع "ماذا خسرنا باستخدام التكنولوجيا؟". كان نقاشا جميلا، وتكلمنا فيه عن مجموعة من السلبيات كقلة التواصل الاجتماعي على أرض الواقع، وعدم القدرة على التركيز في أداء أي عمل بسبب كثرة الأمور التي تشتت الذهن.
بعد ذلك كانت وجبة الغداء ثم فترة الدراسة الذاتية، وهي فترة في البرنامج من المفترض على كل مشارك المكوث في غرفته ودراسة أي شيء. لا أدري في ماذا فكر المنظمون عندما وضعوا هذه الفقرة، فنحن على سفينة ولايوجد أي مصدر للحصول على المعلومات من الخارج، ولم يتم إعطاءنا أي شيء من إدارة السفينة، فمالذي يجب أن ندرسه؟!. الذي أتخوف منه هو أن تكون هذه الفقرة لأجل المباهاة الرسمية -كما يحصل عندنا-، فيمكن أن يقال بأن المشاركين حصلوا على فترة يفكرون فيها ويدرسون بشكل انفرادي بعد كل هذه النقاشات الجماعية، ولكن الواقع يقول إنها فترة حرة للمشاركين، يمكنهم القيام بأي عمل يريدونه ماعدا الأمور التي تتطلب إذن رسمي كالرياضة واستخدام المسرح.
بعد الفترة الحرة توجهنا إلى القاعة الرئيسية، واستمعنا إلى برنامج الأيام الثلاثة القادمة في الهند. كما واستمعنا إلى بعض النصائح والإرشادات المتعلقة بعادات أهل المنطقة. وبعد ذلك بدأت الاستعدادات للعرض الوطني للوفد المصري، ولم يتوقف العمل إلا بعد الانتهاء منه. كان عرضا جيدا تكلموا فيه عن الحضارة الفرعونية، ثم تكلموا عن الثورة المصرية. الشيء الذي لم يعجبني في العرض هو أنهم اعترفوا بإسرائيل ونسوا فلسطين، فقد شرحوا أن مصر تقع غرب إسرائيل، ووضعوا خريطة لذلك، وكأن فلسطين قد اختفت من على الخريطة أو انحصرت في قطاع غزة.
وأقيمت بعض العرض فعالية بسيطة لجمع التبرعات لمصلحة مساعدة بعض المدارس في سريلانكا. الرائع في الأمر، أنهم منعوا الخمور لكي نتمكن من الحضور. كانت الفعالية جميلة، وقد بادر الكثير من المشاركين لتقديم مجموعة من الفقرات الممتعة. تلى هذه الفعالية احتفال الوفد المصري بالانتهاء من العرض الوطني، وهذا هو الوضع في كل ليلة، أن يحتفل الوفد بعد عرضه الوطني. الفرق في هذه الليلة هو أنهم جعلوا الاحتفال من دون خمور، فشاركنا فيه. ولكن المشكلة ليست في الخمور فقط، لهذا انسحبنا جميعا فور ما بدأت الرقصات المصرية المعروفة و "متعينا ياحاچّة".
وفي آخر برامج اليوم، اجتمع أعضاء وفدنا وتكلمنا في بعض الأمور المستجدة. ثم ذهبت إلى غرفتي وسلمت وجهي للذي فطر السماوات والأرض


أحمد العوضي 
11/2/2012

26 - يوم الفخر والاعتزاز


يوم مميز جدا، أعتقد أنه الأميز بين كل أيام السفينة، لأنه اليوم الذي تكلمنا فيه عن ديننا، هو اليوم الذي انبهر فيه جميع المشاركين بشمولية ديننا، وروعة أحكامه. استيقظت وأنا أدعو الله أن يوفقنا في عكس الصورة الحسنة عن دينه. مكثت في غرفتي أستعد للدورة حتى حان موعد التجمع الصباحي.
بعد الانتهاء من التجمع بدأت فترة الدورات، وفرحت كثيرا بالعدد المشارك في الدورة، وفرحت أكثر عندما علمت أن هناك ممن لم يحضر الدورة، أراد أن يشارك ولكنهم لم يستطيعوا ذلك بسبب محدودية المقاعد لكل دورة من الدورات التدريبية. بدأت بحمد الله وانطلقنا في هذه المهمة الثقيلة والصعبة، مهمة شرح الإسلام للجميع. تعاونا نحن المتحدثون الأربعة لإيصال المعلومات بأبسط وأوضح طريقة للشرح، واستقبلنا العديد من التساؤلات والأسئلة وجاوبنا عليها بأفضل مانقدر عليه. كان الإقبال على الأسئلة كبيرا، وهذا الشيء جميل جدا، لأنه يدل على الاهتمام بالموضوع، والبحث عن الحلول الصحيحة له. ماتكلمنا عنه هو دعوة إلى التفكر في الخلق للاقتناع بوجود الله، ثم تكلمنا عن أركان الإيمان والإسلام، إضافة إلى الأخلاق في الإسلام، وأهمية بر الوالدين والإحسان إلى الجار والآخرين. أما عن الأسئلة فقد كانت منوعة وكثيرة، أذكر منها أسئلة عن الجهاد، أسباب رمي الجمرات والسعي بين الصفا والمروة، نظرة الإسلام إلى الشذوذ الجنسي، نظرة الإسلام إلى سيدنا عيسى عليه السلام، وغيرها من المواضيع المهمة. وبعد ندوة استمرت مايقارب الثلاث ساعات، ختمت بقراءة من خواتيم الحشر.
لا أعلم مدى تأثر كل المشاركين، وما إذا اقتنع أحدهم بالإسلام ليعتنقه كدين، ولكن المهم بالنسبة لنا هو أن الجميع شكرنا على طرحنا، وأخبرونا بأنهم يشعرون بأنهم أصبحوا قريبين منا، فقد أزيلت حواجز التخوف من قلوبهم بعد أن رأوا صراحتنا في الإجابة على أسئلتهم. وهذا الشيء يفرحنا كثيرا، وفي نفس الوقت يحملنا مسؤولية كبيرة في الأيام التالية، فيجب أن نكون على استعداد في أي لحظة لأي سؤال عن الإسلام.
بعد الانتهاء من دورة الإسلام كانت وجبة الغداء، ثم بدأت دورة القيادة. كانت الدورة مملة بالنسبة لي، فمكثت فترة ثم ذهبت إلى غرفتي لإنهاء بعض الأعمال، ثم عدت والدورة في نهايتها. عندما سألت عما حصل، كانت الإجابات -كما توقعت- بأن ماطرح في هذه الدورة لا يختلف كثيرا عما طرح في دورة القيادة الأولى التي حضرناها في برنامج الإعداد في اليابان.
انتهينا من دورة القيادة والساعة تشير إلى الخامسة والنصف مساءا، فبدأت أستعد لصلاة الجمعة، فقد قررنا أن نصلي الجمعة لكي يرى المشاركون في السفينة طريقة الصلاة. بدأنا بالخطبة وبدأ الناس بالقدوم حتى امتلأت الغرفة، ثم حان وقت الصلاة فأراد المشاركون مشاركتنا في الصلاة فوقفوا معنا في الصف وصلينا ركعتي الجمعة تلتها صلاة العصر. بعد ذلك شرحت للحضور عدد الصلوات وأوقاتها وطريقتها، وكلمتهم كذلك عن صلاة الجمعة بشكل خاص، ثم تكلمت عن الجمع والقصر وكيف أنه جزء من التيسير على المسلمين.
بعد الانتهاء من الصلاة سؤلنا مجموعة من الأسئلة فجاوبناها ودخلنا في نقاشات جميلة حول بعض الأمور، وأبدى مجموعة كبيرة من المشاركين إعجابهم بما رأوه.
بعد ذلك ختمنا برنامج اليوم بالبرنامجين الروتينيين هذه الأيام. العرض الوطني، وكان الدور اليوم على الوفد الهندي. ثم آخر البرامج وهو التجمع في الفيرندا، والسهر واللعب مع الشباب.

خواطر:
1- الاعتزاز بالإسلام أمر لن يشعر به إلا من جرب واحتك بغير المسلمين وكلمهم عن الدين. اليوم ونحن نتكلم عن الدين تفاجأ الكثير منهم بأن الإسلام ليس كما يصوره الإعلام، دين همجي، يدعو إلى إبادة مخالفيه، وإلى ظلم الناس، وغير ذلك. وقد أخبرنا الكثير من المشاركين عن شعورهم حيال المسلمين بعد الدورة، فقد أخبرنا "هايمي" من بيرو بأنه ارتاح كثيرا لمسألة أن علماء الدين في الإسلام لايملكون السلطة على الناس، وأن كل شخص له الحق بأن يسأل عن الدليل.
2- عجبي لمن يحاول أن يدخل جحر الضب، لكي يقال عنه بأنه متحضر، تكلمت بالأمس عن العرض الوطني لتركيا، وكيف أنهم تركوا الأمجاد والحضارات وركزوا على أمور هامشية وعلى رقص. عرض اليوم وعلى الرغم من أنه من المعروف بأن الرقص في الاحتفالات الهندية أمر أساسي، إلا أن العرض الهندي ركز على الثقافة والوضع الحالي، واعتبر الرقصات أمرا هامشيا لكي يكسر روتين الكلام والمعلومات، إضافة إلى ذلك فالرقص في العرض كان بسيطا وخال من التعري الذي شمله العرض التركي.


أحمد العوضي
10/2/2012

25 - صيحة السفينة، وعندما يخلد العزيز إلى الأرض


استيقظت صباح اليوم مسرعا، فقد تأخرت عن موعد الاجتماع مع أعضاء مجموعتنا لعمل مكالمة الصباح، ثم حصل أمر مستحيل، فعندما أيقظت زميلي في الغرفة ليستعد للتجمع الصباحي أخبرني بأن التوقيت قد تغير، وتقدم ساعة واحدة، فكانت النتيجة هي أنني لم أكن متأخرا عن الموعد. فرحت كثيرا بذلك وانطلقت إلى مكان الاجتماع، وقمنا بأداء مهمتنا على أتم وجه. بعد ذلك تناولنا وجبة الإفطار، ثم قام أعضاء المجموعة بأداء بعض الرقصات.
بعد ذلك بدأن الحصة الثالثة من الدورات النقاشية، وتناقشنا في مساهمة الشباب في المجتمع عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي. أثناء الدورة تم تقسيم المشاركين إلى مجموعة مجموعات، ثم تم توزيع أوراق تحكي مشكلة في أحد الأماكن، والمطلوب من كل مجموعة عمل مشروع تساهم من خلاله في حل المشكلة عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي. حصلت مجموعتنا على مشكلة انقراض أحد السلالات البشرية، وقدمنا عدة مقترحات لحل المشكلة عبر مشروع بسيط، وكذلك فعل أعضاء المجموعات الأخرى. كانت جلسة اليوم جميلة كالعادة.
بعد ذلك تناولنا وجبة الغداء ثم انطلق الجميع مسرعين للاستعداد لمعرض النوادي الفنية، الذي سيعرض كل مشارك ماتعلمه في الأربع حصص الماضية في النادي. قمت بإعداد مقطع مرئي لعملي، لكي يظهر بصورة رائعة مع إلقائي لماكتبته. ولكن عندما حان دوري تفاجأت بحدوث مشكلة، فوجدت نفسي واقفا من دون أي عرض على المسرح، فاضطررت أن ألقي قصيدتي من دون المقطع، ولكن ولله الحمد أعجب الجميع بما ألقيته. الذي أحبطني هو أن سبب المشكلة كان سببا بسيطا جدا، بل لا يعتبر سببا من الأساس، ولكن هذا ماحصل وقدر الله وماشاء فعل.
بعد أن انتهينا من ذلك تناولنا وجبة العشاء، ثم ذهبنا لمشاهدة العرض الوطني للوفد التركي. كما توقعنا، ترك هذا الوفد التاريخ والمجد التركي، وتكلموا عن بعض المواضيع الهامشية، وبدأوا برقصة "شرقية"، فتركت العرض وخرجت من القاعة مباشرة. خروجي من القاعة أعطاني وقتا إضافيا، استفدت منه كثيرا لمناقشة الدورة التي سألقيها في الغد بإذن الله عن الإسلام مع رئيس وفدنا الذي خرج معي. تكلمنا عن الدورة، ثم ذهبت لمساعدة الوفد الهندي في تدريباتهم للعرض الوطني. بعد ذلك ختمت يومي بجلستنا المعتادة في الفيرندا مع الشباب.


أحمد العوضي
9/2/2012

24 - فرحة أخبار الوطن، والانطلاق إلى الهند


يوم خفيف بسيط، استيقظنا فيه باكرا للاستفادة من الوقت الحر المتبقي لنا في سنغافورة. استخدمنا القطار للذهاب إلى أحد الشوارع المشهورة. قضينا وقتنا كل حسب رغبته، فمكثت في أحد المقاهي لاستخدام الإنترنت، وذهب الآخرون للتجول في المكان والتسوق. اطمأن قلبي لبعض الأمور، واستبشرت ببعض الأخبار الجميلة، فقد رأيت نشاط الشباب في البحرين فتذكرت هذه الفترة التي لاتفوّت، وتخيلت نفسي معهم في الغبار والحر، نستمتع بأجواء الإخاء والتعاون والنشاط والعمل، ففرحت كثيرا بذلك، وتمنيت لو كنت معهم، ولكن عزائي أنني في تجربة فريدة، أحمل رسالة عظيمة، وهي عكس الصورة الحقيقية للإسلام والمسلمين، إضافة إلى بيان الثقافة البحرينية.
بعد الانتهاء من الجولة رجعنا إلى فوجي مارو، واستمتعت بلعب كرة السلة ونحن نغادر ميناء سنغافورة. بعد ذلك كانت وجبة العشاء، ثم العرض الوطني لفنزويلا. بعد العرض الذي لم يكن حسب المتوقع تجمعنا في بقعتنا المعهودة، "الفيراندا" واستمتعنا بلعب بعض الألعاب الورقية والكلام وما إلى ذلك.


أحمد العوضي
8/2/2012

23 - يوم النصف يوم.. ومرحبا سنغافورة


أعتقد بأن العنوان يكفي لشرح مجريات اليوم، فقد نمت بالأمس في الثالثة والنصف، واليوم هو يوم إجازة خال من البرامج الرسمية، فكان موعدي -كالكثير من المشاركين- مهمّا مع العزيز الغالي، مع ما لايتعب من الاعتماد عليه، مع السرير. فكانت بداية اليوم للمعظم مع وقت الغداء، حوالي الساعة الثانية عشرة.
بعد ذلك بصفتي عضو في لجنة العروض الوطنية، ساعدة الوفدين الفنزويلي والمصري في تدريباتهم. أخذ هذا الأمر الكثير من الوقت، فلم أنتهي منه إلا ونحن في أحضان ميناء سنغافورة الجميلة، الغابات عن اليمين والشمال ترحب بنا، والمشاركون يبادلونها التحية بالتصوير والاستمتاع بالمناظر.
عندما رست السفينة، كان وفدنا هو أول الوفود المغادرة للسفينة، فقد كان النظام هو أن يغادر كل وفد على حدة حسب الترتيب الأبجدي. أخذنا بطاقة الهوية للسفينة ونزلنا إلى ميناء سنغافورة، لنفاجأ بتصرف رجال الأمن هناك، فقد تفاجاوا من رؤية جوازنا البحريني، وكأنهم لم يسمعوا بهذا المكان من قبل، فلم يعرفو طريقة التصرف، فمكثنا في انتظار انتهاء مسلسل التشاور والاجتماعات بشأن مواطني البحرين، وكانت النتيحة إدخالي إلى غرفة تسع ستة أشخاص مع خمسة عشر شخصا آخرين، ثم أخذ بصماتي، بعدها تكرموا علي بالسماح لي للدخول. دخلنا سنغافورة وكانت اول وجهة لنا (أعضاء وفدنا) هي السوبرماركت في المجمع القريب لشراء بعض المؤونة لبعض البرامج التي سنقيمها في السفينة، إضافة إلى بعض المؤونة الخاصة لكل واحد منا، فسعر المؤونة على السفينة مبالغ فيه بشكل كبير. بعد ذلك جاءتني البركات، وسمعت أذناي أجمل صوت في الدنيا، فقد كلمت أم أحمد، لا أستطيع أن أصف شعوري وأنا أكلمها أو أكلم الخير والبركة الوالد الغالي، ولكن أعتقد بأن هذه اللحظات هي أجمل مافي هذا اليوم.
بعد الانتهاء من الأهم، أخذنا جولة في المكان. بعدها تناولنا وجبة العشاء ثم عدنا سريعا إلى السفينة، فعقاب من يتأخر في العودة إلى السفينة -ولو لثوان- الحرمان من الوقت الحر والبقاء في السفينة في المحطة القادمة.
بعد العودة إلى السفينة، استمتعنا بقضاء الوقت مع باقي الوفود والمشاركين في بقعتنا الخاصة على السفينة "الفيراندا"، ففي كل يوم يكون هذا المكان هو مكان التجمع لمن يريد قضاء وقت ممتع من دون خمور ورقص وتعر.

أحمد العوضي
7/2/2012

الأربعاء، 8 فبراير 2012

22 - يوم التذكير بالمهمة الصعبة


يوم جديد، وتجربة جديدة، بدأناها بجلسة مشتركة بين دورتنا التدريبية (الإعلام) و دورة التفاهم بين الثقافات، تكلمنا فيها عن مجموعة من الأشياء، أهمها كان التصنيف والتعميم، وأهمية هذا الأمر تأتي من وجود هذا الأمر لدى معظم من على الأرض، وفي أحيان كثيرة يكون بشكل سلبي يعيق التفاهم مع الآخرين والعمل معهم لهدف معين. ثم تكلمنا عن أثر الإعلام في تكوين الصورة العامة لدى الناس. بعد ذلك كانت فترة اجتماعات اللجان، فاجتمت لجنتنا (لجنة العروض الوطنية) ولم يكن لدينا الكثير لنفعله بسبب أننا قد انتهينا من توزيع المهام علينا مسبقا.
بعد ذلك كانت الحصة الأخيرة من النوادي الفنية، وفيها انتهيت من "العمل الفني" الذي كنت أعمل عليه، وكذلك فعل المشاركون في النادي، لهذا كانت هذه الحصة مفعمة بالحيوية والفرحة. وبدأ الزمن بالجري بالنسبة لي، لأني أريد عمل شيئا مميزا مختلفا عن الجميع، فأنا أريد أن أعمل فيديو بسيط لتحريك الصور التي نحتها، لذا فعلي العمل سريعا للانتهاء من هذا الأمر قبل موعد المعرض. والمعرض هو ختام الفترة الأولى من الأندية، وفيها يعرض جميع المشاركين ماتعلموه من الأندية خلال الحصص الأربعة التي مضت.
آخر البرامج الرسمية كالعادة كان العرض الوطني، واليوم كان الدور على الوفد النيوزلندي. قدموا عرضا جميلا حكوا فيه شيئا من تاريخ نيوزلاندا.
آخر البرامج الرسمية لم يكن آخر برامج اليوم، بل كان آخر برامج اليوم أمتع برامجه، فقد اجتمعنا مع مجموعة من المشاركين من الوفد البرازيلي وغيره من الوفود، واستمتعنا كثيرا في لعب "الأونو"، ثم علمتهم لعبة "غافل" التي تعودنا أن نلعبها مع الشباب في المخيمات والبرامج.
كان هذا اليوم هو الأطول إلى الآن، فلم أذهب إلى السرير إلا بعد الثالثة صباحا. ولكنه كان جميلا جدا.


خواطر:
1- المقصود بالتصنيف والتعميم هو أن يضع الشخص لأي إنسان قائمة طويلة من الصفات والأخلاق من قبل أن يعرفه ويتعامل معه، ومن ثم يعامله على هذا الأساس. هذا الأمر خطير جدا، وخصوصا إن تمت المبالغة فيه، وهو مايعاني منه المسلمون الآن بسبب الإعلام، فالنظرة لدى كثير من الناس أن المسلمين كلهم متعصبون ويكرهون الجميع ويحبون القتل.

2- عندما تكلمنا عن التصنيف والتعميم اليوم تذكرت موقفا حصل لنا في المركز الشبابي في طوكيو، فقد جاءنا أحد المشاركين اليابانيين، وأخبرنا بأنه كان يظن أن المسلمين قاسين وعنيفين دائما لأنهم لا يشربون الكحول، ولكنه بعد أن رآنا فإنه عرف حكمة تحريمها علينا، فنحن دائما مانكون فرحين ومرحين ولا نحتاج للكحول. ربما تكون الطريقة التي كلمنا بها "هيرو" طريفة، ولكن معناها يبين كيف أن الإعلام قد كون لدى العالم صورة سوداء حول المسلمين، لذا من الواجب على كل مسلم يحتك ويتعامل مع غير المسلمين أن يعكس صورة الإسلام الحقيقية، ويكون خير سفير لدينه.


أحمد العوضي
6/2/2012

21 - يوم الحركة والنشاط


عجيب هو تغير الوضع والحال، فربما تمر علينا لحظة تجعل يومنا أتعس يوم في حياتنا، وبعدها تأتي لحظة أخرى تعكس الموازين كافة. يوم بدأته بإزعاج شديد، وكان أول مافكرت فيه "يالله بصباح خير"، فقد كانت طريقة المجموعة المسؤولة عن إيقاظ المشاركين مزعجة جدا، مليئة بالصراخ والأصوات النشاز، وكنت أفكر جديا بأن أنام لفترة أطول لا لشيء سوى العناد، ولكن بالطبع لا يمكن أن أتأخر عن برنامج اليوم بسبب بضعة أشخاص. استيقظت وتوجهت لشرب كوبَيْ الشاي كعادتي كل صباح. ثم بدأنا برنامج اليوم بالطابور الصباحي كالعادة.
من بعد الطابور بدأ حال هذا اليوم القبيح بالتغير، فقد كان البرنامج القادم هو ورشة عمل لأساتذة الدورات النقاشية. فكرة هذا البرنامج هي أن يحضر كل مشارك ورشة عمل عن موضوع أحد الدورات الأخرى، ويهدف إلى أن يطلع المشارك -ولو بجزء بسيط- على محتويات دورتين إضافيتين على الدورة المنتظم بها. كانت الدورة التي شاركت فيها لهذا اليوم عن فهم الثقافات الأخرى، وكانت جميلة متنوعة الأساليب، فقد لعبنا بعض الألعاب الحركية، إضافة إلى النقاش والتعليق من قبل أستاذة الدورة.
بعد ذلك كانت وجبة الغداء، ثم بدأت الفترة الرياضية الوحيدة في البرنامج، وفيها لعبنا بعض الألعاب الحركية الخفيفة. كانت أكبر سلبية في هذه الفقرة هي طبيعة الألعاب، وهذا أمر يعذر فيه القائمون على البرنامج بسبب العدد الكبير للمشاركين. الرائع في هذه الفقرة أنها انتهت مبكرا، مما سمح لنا بالحصول على بعض الوقت الحر. وقد كان هذا الوقت من أجمل البرامج إلى الآن، فقد اجتمعنا مع مجموعة من المشاركين ولعبنا كرة السلة على ظهر السفينة. استمتعت كثيرا بهذا، فقد كانت هذه هي المرة الأولى التي أمارس فيها رياضة جيدة منذ بداية البرنامج.
بعد ذلك حان وقت العشاء، ثم العرض الوطني الكندي الذي احتوى على الكثير من المعلومات عند كندا، ومدنها الرئيسية. لم يكن العرض بالمستوى المتوقع ولكنه كان مفيدا.


أحمد العوضي
5/2/2012

20 - يوم نقاشي جميل


استيقظنا صباح اليوم ببسمة مرتسمة على وجوهنا، فقد امتدح الجميع عرضنا الوطني، وشكرونا على المعلومات التاريخية التي قدمناها. بدأنا برنامجنا كالعادة بالإفطار، ثم التجمع الصباحي. بعد ذلك بدأنا أول برامجنا لهذا اليوم، وهو ورشات العمل المقدمة من قبل المشاركين، شاركت في ورشتين مميزتين، أولاهما كانت مقدمة من الوفد السريلانكي، تكلم فيها عن الحرب الأهلية التي كانت في البلاد واستمرت لثلاثين عاما. كما تكلموا عن تجاربهم الشخصية وكيف أنهم لم يذوقوا معنى السلام إلا منذ سنتين فقط. بعد ذلك انتقلت إلى الورشة الأخرى والتي لم أكن أتوقع منها أكثر من محاضرة مملة عن التبادل التجاري الحر. ولكن لحسن الحظ خابت توقعاتي، وكانت الدورة عبارة عن مسابقة تنافسية بين المجموعات، تحاكي الواقع التجاري العالمي، ثم شرح مقدمو الدورة العلاقة بين اللعبة والحياة الواقعية. استمتعنا كثيرا بالدورة، وأول مافكرت فيه بعد نهاية الدورة هو أنني حصلت على لعبة جميلة وإبداعية يمكننا القيام بها في برامج "الشباب"، وفي الجامعة.
بعد الانتهاء من الدورات انتقلنا إلى المطعم لتناول وجبة الغداء. تناولت غدائي سريعا هذه المرة، وانطلقت لحضور فعالية معدة من بعض اليابانيين، وهي جلسة نقاشية عن دور الأديان في حياتنا، وهي جلسة يتكلم فيها كل شخص من الموجودين عن رؤية ومنظور دينه ومجتمعه عن مجموعة من المواضيع. وقد تمت دعوتي من قبل المنظمين للتكلم عن الإسلام بعد الكلام الذي تكلمت فيه مع الفتاة اليابانية عن الدين وأهميته. بدأنا أول المواضيع بالتعليم الديني في المدارس، فشرحت لهم كيف أنه في البحرين يأخذ الطالب شيئا بسيطا جدا من الدين في المدرسة، والاعتماد الأغلب على الجمعيات والأندية الشبابية لنشر الوعي الإسلامي. ثم انتقلنا إلى الموضوع الثاني، وهو الموضوع الذي جرنا إلى نقاش طويل أخذ منا كل وقت الجلسة، فقد كان الموضوع هو عن طريقة الصلاة. الصلاة بالإنجليزية هي Pray وهي تعني أيضا دعاء، لهذا عندما تكلم المسيحيون تكلموا عن الدعاء، وكيف أنهم يمكنهم الدعاء في أي وقت، كما أنهم يذهبون إلى الكنيسة في كل أحد. بعدها أخبرتهم عن للكلمة في العربية معنيان، فالمسلم يكون على علاقة دائمة بربه، ولسانه دائما مايكون رطبا بذكر الله، فلكثير من أعمالنا اليومية أدعية محددة، ويمكن للمسلم أن يدعو في أي وقت شاء. أما عن الصلاة، فلدينا في الإسلام خمس صلوات. وتكلمت عن هذا الموضوع قليلا، والذي شد انتباههم وجرنا إلى النقاش الطويل، هو عندما أخبرتهم أن جميع المصلين يقفون صفوفا خلف الإمام، ماعدا النساء فهم يقفون صفوفا خلف صفوف الرجال، وبينت السبب هو بسبب عقلية الرجل والمرأة، هذا هو الأمر الذي أدخلنا في كثير من الأسئلة عن طبيعة العلاقة بين الرجل والمرآة، وكيفية الزواج إذا كان الإسلام يحرم العلاقات قبل الزواج. كان النقاش راقيا، وأجبتهم عن كثير من التساؤلات التي كانت في بالهم، ومنها لماذا لا نصافح النساء، فقد تفاجأ البعض من ذلك، فقد ظنوا في البداية أن عدم المصافحة تكون فقط في اللقاء الأول، ويزول هذا الحاجز بالصداقة. داهمنا الوقت، ولكن رحبت بأي أسئلة أخرى في أي وقت، ودعوتهم كذلك إلى الورشة التي سنقدمها في الأيام القادمة، والتي سنتكلم فيها بشكل أكبر عن الإسلام.
بعد ذلك اجتمعنا مع أعضاء وفدنا لمناقشة بعض المستجدات، ثم انطلقنا بالحصة الثالثة من الأندية الفنية، وفي هذه الحصة انتهيت من نحت بعض الصور البسيطة في قطعة الخشب التي تم توزيعها، ثم انتهيت من الخطوة الأخيرة، وهي طباعة الصورة المنحوتة على الورق.
بعد ذلك حان موعد العروض الوطنية، واليوم كان الدور على الوفد البيروفي، وقد كنت معهم منذ التدريبات لمساعدتهم في الإضاءة. كان العرض جميلا، وفرح الجميع كثيرا به، وفرحت شخصيا لفرحة زميلي في الغرفة، فقد بُنِيَت في الأيام القليلة الماضية علاقة جميلة بيننا.
وفي آخر برامج هذا اليوم عملنا جلسة عربية وزعنا فيها القهوة العربية على مجموعة من المشاركين والإداريين من مختلف الوفود والجنسيات. كانت جلسة جميلة بالفعل، استمتعنا فيها كثيرا، خصوصا وأنه ليس من عادة بقية الوفود أن يتواجدوا معنا في آخر اليوم، فهم دائما مايحتفلون على طريقتهم بشرب الخمر، لهذا فقليلا ما نجلس معهم ونتسامر. والمميز في هذا الأمر أنهم تركوا الشرب وجلسوا معنا لقضاء الليلة، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على العلاقة الطيبة التي تجمعنا، والأخلاق الجميلة التي رأوها منا، وهذا كله بفضل من الله، ثم بفضل ثبات شباب وفدنا على مبادئهم مما أدى إلى نيلهم لثقة واحترام الجميع.

خواطر:
1- أثناء دورة التبادل التجاري، تكلم بعض المقدمين عن تجاربهم الشخصية في بعض الدول الفقيرة، وكيف أنهم ساهموا في مساعدة بعض العوائل الفقيرة لبداية مشروعات تجارية بسيطة. حمل هم الناس هو من تعاليم ديننا، ولكن نرى كثيرا من شبابنا لا يكترث بمن حوله من الناس طالما يعيش هو حياة منعمة.

2- من خلال الحوار الجميل الذي دار عن الإسلام، رأيت كيف أن الإسلام دين يخاطب العقل، فأنا لم أستخدم أي دليل من القرآن أو حديث الرسول (ص)، بل استخدمت المنطق والحكمة وراء هذه التعاليم الربانية. الكثير من الجهال في العالم الإسلامي، يأخذه غروره وكبرياؤه وجهله إلى التكلم في أمور الدين وكأنها ملابس يمكن أن تبلى وتبدل مع مرور الزمن. والأمر الآخر هو أن كثيرا منا لا يتفكر في الجانب العقلي والحكم الربانية في العبادات، فيكتفي بحركات معينة يؤديها في خمس أوقات، ويمتنع عن الأكل والشرب نهارا في شهر من العام، وينسى أن أهم مافي العبادات هو الخشوع لله، والتفكر في حكمته. فيجب علينا أن لا نكتفي بفعل ما تعلمنا عليه وتربينا عليه فقط، بل علينا التفكر في الحكم وراء ذلك، لكي نزداد اقتناعا في ديننا، ولا نكون مسلمين بالوراثة، بل نكون مسلمين بالاختيار والاقتناع. هذا هو ماسيثبتنا على الطاعات والعبادات.


أحمد العوضي
4/2/2012

19 - قطف أول الثمار


الإنجاز، شي رائع لذيذ، لا يحس بحلاوته إلا من بذل جهده وعمل وتعب، وكلما كان الإعداد متعبا أكثر، كان الإحساس بحلاوة الإنجاز أجمل. اليوم فرحنا كثيرا بإنجاز أكبر شيء علينا القيام به في البرنامج بأكمله، فرحنا كثيرا لفرحة الناس وانبهارهم بما قدمناه. سأتكلم عن ذلك أكثر، ولكن فلنعد إلى الصباح. استيقظنا صباحا على أصوات المجموعة المسؤولة عن إيقاظ الجميع، وبدأنا يومنا بوجبة الإفطار. بعدها جاء دور التجمع الصباحي، وفيه كان موعد أول إنجازاتنا لهذا اليوم، وهو عزف السلام الملكي البحريني، إضافة إلى توزيع أول عدد من أعداد النشرة الأسبوعية، التي تعبنا كثيرا في إعدادها، وقد حازت على رضا الكثير من المشاركين ولله الحمد.
بعد ذلك كان البرنامج مفتوحا للمجموعات، فتنوعت الأنشطة والبرامج، وفي مجموعتنا قمنا بتزيين المرواح اليدوية، ثم لعبنا بعض الألعاب البسيطة الجميلة، وقد علمتهم لعبة من الألعاب المشهورة في أنشطتنا في المركز، وفرحوا كثيرا بها. بعد الألعاب كان موعد الإنجاز الثاني لهذا اليوم، فقد أقمنا -نحن المسلمون- صلاة الجمعة في المصلى، وشاركنا المسلمون من سريلانكا وبعض من وفد مصر. بعدها كان موعد الغداء، ثم استمعنا إلى محاضرة بسيطة من ربان السفينة، شراح فيها بعض المصطلحات البحرية. بعدها كان موعد الحصة الثانية من النوادي الفنية، وفي ناديي ناد فن القصص البرازيلية، واصل الجميع المحاولة لكتابة بعض الأشعار البسيطة، ثم وضعنا مخططا يوضع كيف سننقش رسوماتنا على الخشب.
أعصاب مشدودة، وتوتر شديد، وخوف وترقب، كان هذا هو وضعنا في البرنامج القادم، فقد كان برنامجنا القادم هو العرض الوطني للوفد البحريني، فيه سنقدم ماتدربنا لأجله ما لا يقل عن الثلاثين ساعة، مامكثنا في متحف البحرين يوما كاملا فقط لتصوير دقيقتين منه، وما قضينا لأجله يوما كاملا في سوق المنامة، وغيرها من الأشغال التي بذلنا فيها جهدنا فقط لإنجاح هذه الفعالية. أهمية هذه الفعالية تأتي من أن كل دولة ستتكلم عن ثقافتها في ما لايقل عن الأربعين دقيقة. فيجب علينا أن نأتي بعرض يرقى بمستوى مملكتنا الحبيبة. ومصدر التوتر الشديد قادم من كون عرضنا الذي يقدمه عشرة أشخاص فقط يأتي مباشرة بعد عرض الدولة المضيفة والذي شارك فيه أكثر من مئة شخص، والذي كان بالفعل كحفل افتتاح إحدى البطولات الرياضية. إضافة إلى كل ذلك قلة الوقت الذي حصلنا عليه للتدريب على المسرح، فقد كان موعد تدريبنا في يوم الدوار العام، ولم أحد منا قادر على القيام بأي شيء. نتيجة لكل ذلك حوت التدريبات ماقبل العرض الكثير من الأخطاء، وحاولنا قدر المستطاع التركيز، ولكن التوتر كان مخيم على الجميع.
جاءت لحظة الجد، وافتتحنا عرضنا بشرح مبسط لكيفية لبس الغتر التي وزعناها على جميع الحضور، ثم كان الافتتاح الرسمي بآيات عطرات من القرآن الكريم، أحسست بإحساس غريب جدا وأنا أقرها، فالقراءة لم تكن لحفل تكريم طلبة متفوقين، أو لحفل افتتاح إحدى المنشآت، بل كانت القراءة أمام أناس لا يعرفون من القرآن شيئا، لذا فهم سيعتدمون على هذه القراءة لتكوين رأيهم وانطباعهم حول القرآن، لقد أحسست بمسؤولية عظيمة، ولكن والحمدلله ما إن بدأت بالقراءة حتى ارتحت نفسيا واستطعت أن أكمل القراءة بتمكن -حسب قول من كلمني-. بعد القرآن بدأنا عرضنا الذي تكلمنا فيه عن عادات الزواج القديمة، ونوع الأعمال الموجودة في البحرين قديما، وكيف أن النفط ساهم في تطوير الصناعة وغير طبيعة الأعمال والوظائف.
بعد أن انتهينا من العرض فرحنا كثيرا بتفاعل جميع الجمهور، فقد كان الجميع مسرورا، وحصلنا على الكثير من المديح، كما وقد كان الجميع يصور مع أعضاء وفدنا بزينا الشعبي، وعلمنا الكثير منهم كيفية لبس الغترة. بشكل عام، فرحنا كثيرا جدا بهذه الليلة، واجتمعنا ولأول مرة على السفينة نحن أعضاء الوفد جميعا، وتناولنا بعض الحلويات، بسبب أنه لم تحن الفرصة لنا لتناول العشاء. كان اجتماعا رائعا جدا، أحسسنا فيه ولأول مرة منذ بداية البرنامج بالراحة النفسية، وكأننا قد أجتزنا أصعب امتحان على وجه الأرض بتفوق.


خواطر:
1- بعد العرض كلمني اثنان من اليابانيين عن القرآن، وأخبراني بأن هذه المرة هي المرة الأولى التي يسمعون فيها كلام الله. موقف آخر حدث لأحد أعضاء وفدنا عندما كان يكلم إحدى المشاركات عن الإسلام، قاطعته واخبرته بأنها مسلمة رغم أنها لا تعرف شيئا سوى الاسم. هذين الموقفين جعلاني أفكر كثيرا بنعم الله علينا وتوفيقه، فقد خلقنا عربا في أسر ملتزمة بدينها، فكبرنا على هذا الدين، وحب العمل لأجله. وفي أماكن أخرى هناك أناس محرومون من هذا الدين، لايعرفون سوى اسمه.

2- في أثناء اجتماعنا بعد العرض، أخبرتنا إحدى أعضاء وفدنا كلاما سمعته من إحدى المشاركات من أحد الوفود الأجنبية، بأن شباب الوفد البحريني مميزين بشخصيتهم المتزنة، وليسو كغيرهم من أعضاء الوفود الأخرى. هذا التعليق أفرحني كثيرا، فعلى الرغم من أننا لا نشاركهم احتفالاتهم الليلية، ولا نستقبل الفتيات بالأحضان كغيرنا، بل ولا نصافحهم، إلا وأنهم نتيجة الاحتكاك بنا رأوا أخلاقنا وعرفوا سبب تصرفاتنا، فاحترمونا. البعض اليوم وللأسف يظن أن ثباته على مبادئه ينفر الناس منه، وأنه عليه أن يساير الناس فيما يعملون. هؤلاء يكونون كالإمّعة، إن أحسن الناس أحسنوا وإن أساء الناس أساءوا. ولكن الصحيح هو الثابت على مبادئه وقيمه هو من سيجذب الناس له، وسيكسب احترامهم. شعرت بالفرح من هذا الكلام واحسست بالفخر والعزة لانتمائي لهذا الدين الذي يهتم بِسَمْت الإنسان وأخلاقه.

أحمد العوضي
3/2/2012