الثلاثاء، 14 فبراير 2012

29 - بداية قبل الاستيقاظ، وكنز القناعة


بدأ يومي هذه المرة قبل أن أستيقظ صباحا، فقد كانت جميع أحلامي هذه الليلة عن الوطن، فقد كنت أحلم بأن البرنامج قد انتهى وبأنني وسط أهلي أعمل على مشروع تخرجي. استيقظت مرات عديدة هذه الليلة، ولكن الحلم بلقاء الأهل والأصحاب أراحني، فاستيقظت نشطا هذا الصباح. كان موعد الاستيقاظ لهذا اليوم مبكرا، فبرنامجنا اليوم يحوي زيارات لأماكن بعيدة نسبيا عن الميناء. انطلقنا أولا إلى معهد وطني وهو "معهد راجيف غاندي الوطني لتطوير الشباب"، وهو الجهة التي رتبت لنا برنامجنا في چنّاي. بدأنا باستقبال رائع وحار من موظفي المعهد، وحصلنا على وجبة خفيفة. المهم في الوجبة الخفيفة هو الشاي، فقد بلغ اشتياقنا للشاي بالحليب مداه، فاستغلينا وجود مراكز عديدة لتوزيع الشاي خير استغلال، لم أتوقف -كبعض شباب وفدنا- إلا بعد أن شعرت بالحر الشديد نتيجة شرب الشاي الحار.
دخلنا المعهد وتوزعنا على المحاضرات المتوفرة، والتي قد اختار كل مشارك الموضوع الذي يفضله من قبل أن نصل إلى الهند. المحاضرة التي شاركت فيها كانت عن المساواة الجنسية. كنت أظن بأنهم سيتكلمون عن حقوق المرأة وهذه الظاهرة الغربية التي يستنسخها الكثير من الذي آسف على حالهم في دولنا، ولكن الموضوع كان أكثر من ذلك، فقد تكلمت "الأستاذة" عن أنه لا يجب أن يكون هناك طرفين، فلايمكن أن نقول ذكر وأنثى ونهمش البقية من جنس ثالث ومحولي الجنس. وتكلمت كثيرا بكلام سخيف -حسب اعتقادي- عن أنه يجب علينا أن لانفرق بين الذكر والأنثى منذ الصغر، فنحن عندما نحضر للصبي أدوات حرب كهدية، وفي المقابل نحضر للبنت أدوات طبخ، نكون قد شكلنا تصور للأطفال بأن دور المرأة يكون في بيتها وفرقنا بالتالي بين الجنسين. استمرت المحاضرة خمسا وأربعين من هذا الكلام الفارغ، وبعد أن انتهت وددت لو أتكلم في هذا الموضوع، لكنني شعرت بأن المجال لايسمح لجدال طويل، وبأن البرنامج مزدحم وعلينا التحرك سريعا.
انطلقنا بعد ذلك إلى وجبة الغداء، والتي كانت بالنسبة لي مجموعة كبيرة من الخبز الهندي المعروف "الچباتي"، واستمتعت بالوجبة مع مجموعة من المشاركين.
بعد الغداء عدنا إلى الباصات وانطلقنا في رحلة طويلة إلى مجموعة من القرى الهندية. وصلنا القرية، وكان المظهر الخارجي يدل على جهد كبير لتزيين القرية، على الرغم من الفقر الواضح. حظينا باستقبال حافل كالعادة، وكانت مجموعات من طلبة مدرسة القرية يحيوننا بالورود والأهازيج. كنا نمشي في القرية ونتأمل في الحالة البسيطة التي يعيشون فيها، ولكن الناظر إلى وجوههم وهم يستقبلوننا يجزم بأنهم أسعد من على الأرض. قناعة رائعة وجدناها في وجود جميع سكان القرية، وحسن ضيافة واستقبال أفرحنا كثيرا. بعد برنامج بسيط وبعض الكلمات والرقصات الترحيبية، عدنا إلى الباص. وقبل ان نركب الباص اقترح "حسن" عضو وفدنا، والذي صادف أن تكون مجموعته معنا في هذه الزيارة أن نشتري مجموعة من الحلويات ونوزعها على الأطفال، ففعلنا وكانت هذه اللحظات بالنسبة لي هي أجمل لحظات اليوم. رأينا مجموعة كبيرة من الأطفال الصغار يتوافدون لأخذ نصيبهم من الحلوى، فشعرت بشعور جميل لا يمكن وصفه.
بعد ذلك عدنا إلى السفينة وتجهزنا بسرعة خيالية لحفل العشاء الرسمي بالهند، والذي حضره مجموعة من كبار الشخصيات من القنصلية اليابانية والسنغافورية وغيرها، إضافة إلى مجموعات من المعاهد التي زرناها، ومجموعة من المشاركين السابقين في البرنامج. لم أطل البقاء في حفل العشاء، فسرعان ما بدأ توزيع الخمر بعد مجموعة بسيطة من الكلمات الرسمية وتبادل الهدايا.
بعد ذلك تجمعنا كالعادة في مكاننا في قاعة الفيراندا، واستمتعنا باللعب مع بعض المشاركين.


أحمد العوضي
13/2/2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق