الجمعة، 17 يوليو 2015

لِمَ التَغْيير يُغَيِّر

التغيير سنة الحياة، ومبدأ المداولة ثابت في القرآن الكريم ﴿وَتِلكَ الأَيّامُ نُداوِلُها بَينَ النّاسِ﴾ والتاريخ يشهد على ذلك. هذا المبدأ لا يقتصر على التغييرات الكبيرة كمستويات ودرجات تقدم الدول دون غيرها، ولا على فئة دون أخرى، فكل شخص سيمر بتغييرات وتقلبات كثيرة في حياته بكافة الأصعدة ولا شك. ومن يتفكر في هذه السنة ستراوده الكثير من الخواطر والأفكار، وسيشرد ذهنه في مئات بل آلاف الشواهد والقصص التي مرت عليه. وفي هذا المقال أود أن أشارككم فكرة بسيطة مما في النفس.
للإنسان أفكار كثيرة تحركه ومواقف يتخذها بناءً على مبادئه وأفكاره. وعندما نتكلم عن المبادئ نتكلم عن أمور تعتبر من الثوابت التي لاتتغير إلا نادرا وتحت ظروف ومواقف خاصة. فالتساؤل الذي أود طرحه والتفكر فيه هو لماذا تتغير المبادئ والمواقف بتغير الحال والمكانة والمنصب وغيرها من التقلبات التي هي من سنة الحياة. لماذا يدافع الشخص عن المظلوم ويتكلم ويكتب لدفع الظلم عن الناس ثم وما إن يتمكّن ويصل إلا وتراه لا يختلف عمن انتقده ابتداءً؟ ما الذي يدفع الفقير الذي يشتكي البخل ويتندر فيما لو أن غنيا من الأغنياء أدى زكاة ماله لانتهى فقر البلاد إلا أنه وبعد أن يمن الله عليه برزق إذا هو يتمنع وكأن شيئا لم يكن؟ لماذا يسخط الإنسان على تسلط مدير أو مسؤول وعندما يترقى يكون أكثر تسلطا وجورا؟ هل الأخلاق الفاضلة تقتصر على الفقراء؟ هل الإصلاح يكون فكر المظلومين الضعفاء وينتفي بتملك السلطة والقرار؟ لماذا ينسى الإنسان كل الأدبيات التي كان يتغنى بها فور تغير حاله، وحصول مصلحته؟ كل هذه أسئلة يجب أن نضعها أمامنا ونتفكر فيها حتى لا يسقط أحد منا في هذا الباب، فما أسرع نسيان الإنسان لوضعه، وما أعظم جحوده ﴿فَإِذا مَسَّ الإِنسانَ ضُرٌّ دَعانا ثُمَّ إِذا خَوَّلناهُ نِعمَةً مِنّا قالَ إِنَّما أوتيتُهُ عَلى عِلمٍ بَل هِيَ فِتنَةٌ وَلكِنَّ أَكثَرَهُم لا يَعلَمونَ﴾.
﴿بَل هِيَ فِتنَةٌ وَلكِنَّ أَكثَرَهُم لا يَعلَمونَ﴾، هذا هو الجواب الأساسي للتساؤلات السابقة. قد يُختبر الإنسان بضراء فيصبر ويحتسب ويُبدي نواياه الحسنة للإصلاح ويدعو إلى التطوير وإلى العدل، ولكنه عندما يُختبر بسراء يُفتن وتنقلب موازينه وتتخلخل مبادؤه ويصبح كل شيء هينا في سبيل المنصب، وكل كذبة حلالا في سبيل المال، وكل ظلم جائزا في سبيل المكانة الاجتماعية. 
فعلى الإنسان أن يدعو الله أولا ودائما على تثبيته على الحق، ثم عليه مراجعة نفسه ومواقفه ليتأكد من موقفه وهل هو نتيجة حالته وضعفه فينتهي الموقف بتغير الحال؟ أم هو نتيجة قناعة راسخة ومبدأ واضح فلا يتبدل ولا يتغير مهما حدث. وإن لكم في قصة حروب الردة مثالا واضحا، فموقف من كان يدفع الزكاة أيام رسول الله لم يكن نتيجة إيمان راسخ بالله عز وجل وبدينه الخالد، فتغير موقفهم ومنعوا الزكاة بانتفاء السبب الحقيقي ووفاة الرسول ﷺ.

فاسأل نفسك، واكتشف وضعك ثم أصلح نيتك ومصادر مواقفك وأفكارك. هل أنت مؤمن بالإصلاح لأنه واجب خلفاء الله في الأرض أم لحاجة أخرى؟ هل كلامك عن التواضع وعن حب الإنسان للعمل بغض النظر عن منصبه نابع عن قناعة أم هو كلام تقوله لمن هو دونك لتحافظ على مكانتك ومنصبك؟ أسئلة كثيرة لا يمكن حصرها، ولكن على كل واحد منا التفكير فيها وإخلاص نياته وأعماله لله عز وجل

الثلاثاء، 7 يوليو 2015

بسكم زعل



العلاقات الاجتماعية للإنسان أمر مهم وفطري، ولايمكن لأي شخص أن يعيش في معزل عن الآخرين، لهذا وضع الإسلام أوامر ونواهي لحفظ العلاقات وحفظ مكانة الفرد وسمعته وكرامته في المجتمع كحد القذف والأمر بالتبيّن. وعلاقات وتعاملات الفرد كثيرة ومع مختلف الأصناف من البشر، فلابد من حدوث مايعكر صفو العلاقات من حين لآخر فلا كمال في النفوس ولا كمال في الأشخاص، من أجل ذلك جاءت الآيات والأحاديث الكثيرة للحث على مكارم الأخلاق وفضل فض الخلافات ((وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)). تتنوع الشخصيات والنفوس وتتفاوت بين السلبية والإيجابية، بين الأدب والفظاظة، بين السماحة والغلظة، لذا فالكيّس الفطن هو الذي يطور من نفسه ويهذب أخلاقه ويتعلم كيف يتصرف مع الآخرين، ويتعلم كيف يكون سهل التعامل لين الجانب سمح الخلق مع الناس.
من أصعب أنواع الناس الذين يمكن للشخص أن يتعامل معهم خصوصا وإن كانوا قريبين منه أعزاء عليه، الشخص الحساس كثير السخط، دائم العتاب. لايكاد يمر موقفٌ ولا حادثة إلا وله مأخذٌ على أحد. فتراه يتذمر ويتشكى فيضر من حوله بسلبيته، ويجبر أصحابه على الحذر في التعامل معه والخوف من إيذاء مشاعره حتى يصبح هو هما لهم يخافون من أن يجد في نفسه شيئا عليهم. الأمثلة على هذه الشخصية كثيرة وواضحة للجميع، فإن نسي أحد تبليغ هذا الشخص بتجمّع للأصحاب قامت قيامته، وإن لم يُهدى إليه كما أُهدي لغيره ثارت نفسه، وإن عُمِل بما لا يرى فقد ارتكبت كبيرة من الكبائر.
الحل مع هذا النوع من الشخصية ينقسم إلى قسمين، قسم للشخص نفسه لإصلاح حاله وقسم لمن حوله من أهل وأصدقاء، أما علاجُه لنفسِه ففي قول الله عزوجل ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اجتَنِبوا كَثيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعضَ الظَّنِّ إِثمٌ﴾، وفي حديث الرسول ﷺ ((من حسن إسلام المرء تركه مالايعنيه))، وفي قول جعفر بن محمد (إذا بلغك عن أخيك شيء تنكره فالتمس له عذرا واحدا إلى سبعين عذرا، فإن أصبته، وإلا قل لعل له عذرا لا أعرفه). وأما العلاج ممن يتضايق ويتأثر ممن حوله فعليهم بالصبر، ومصارحته ونصحه، ثم عدم التأثر بكلامه وبعتابه غير المبرر والدعاء له عسى الله أن يهديه. ثم تجاهل كلامه السلبي وعدم التأثر بما يقول.

همسة:

يامن يرى في نفسه أنه كثير العتاب كثير السخط على الآخرين تمهل وفكر في تأثير ماتفعل على من حولك من أهل وأحباب، اتق الله والتمس لهم الأعذار فماتدري ماتأثير ماتقول في النفوس، ويكفيك إثما أن تكون سببا في قطع علاقات الرحم و الأخوة.